فأذنت له ، فلما قعد قالت له : يا معاوية أأمنت ان اخبئ لك من يقتلك؟ قال : بيت الامن دخلت ، قالت : يا معاوية أما خشيت اللّه في قتل حجر وأصحابه؟ (١) ». وقالت : « لولا انا لم نغير شيئاً الا صارت بنا الامور الى ما هو اشد منه لغيَّرنا قتل حجر ، أما واللّه ان كان ما علمتُ لمسلماً حجاجاً معتمراً (٢) ».
وكتب شريح بن هاني الى معاوية يذكر حجراً ويفتيه بحرمة دمه وماله ويقول فيه : « انه ممن يقيم الصلاة ، ويؤتي الزكاة ، ويديم الحج والعمرة ، ويأمر بالمعروف ، وينهى عن المنكر ، حرام الدم والمال (٣) ».
وكان ابن عمر ـ منذ أخذ حجر ـ يتخبر عنه فأخبر بقتله وهو بالسوق فأطلق حبوته وولى وهو يبكي (٤).
ودخل عبد الرحمن بن الحارث بن هشام على معاوية وقد قتل حجراً وأصحابه ، فقال له : « أين غاب عنك حلم أبي سفيان!؟ » قال : « غاب عني حين غاب عني مثلك من حلماء قومي ، وحملني ابن سمية فاحتملت!! » قال : « واللّه لا تعد لك العرب حلماً بعد هذا أبداً ولا رأياً ، قتلت قوماً بعث بهم اليك أسارى من المسلمين .. ».
وقال مالك بن هبيرة السكوني حين أبى معاوية أن يهب له حجراً ، وقد اجتمع اليه قومه من كندة والسكون وناس من اليمن كثير ، فقال : « واللّه لنحن اغنى عن معاوية من معاوية عنا وانا لنجد في قومه (٥) منه بدلاً ولا يجد منا في الناس خلفاً .. ».
وقيل لابي اسحق السبيعي : « متى ذل الناس؟ » فقال : « حين مات الحسن ، وادُّعي زياد ، وقتل حجر بن عدي (٦) ».
وقال الحسن البصري : « أربع خصال كن في معاوية لو لم يكن فيه
__________________
١ ـ الطبري ( ج ٦ ص ١٥٦ ).
٢ ـ ابن الاثير ( ج ٣ ص ١٩٣ ).
٣ ـ و ٤ ـ الطبري ( ج ٦ ص ١٥٣ ).
٥ ـ يعني بني هاشم.
٦ ـ ابن ابي الحديد ( ج ٤ ص ١٨ ).