منهن الا واحدة لكانت موبقة : انتزاؤه على هذه الامة بالسفهاء حتى ابتزها أمرها ـ يعني الخلافة ـ بغير مشورة منهم ، وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة ، واستخلافه ابنه بعده سكيراً خميراً يلبس الحرير ، ويضرب بالطنابير ، وادعاؤه زياداً ، وقد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه ( وآله ) وسلم : الولد للفراش وللعاهر الحجر ، وقتله حجراً. ويل له من حجر وأصحاب حجر ـ مرتين ـ (١) ».
ومات الربيع بن زياد الحارثي غماً لمقتل حجر ، وكان عاملاً لمعاوية على خراسان. قال ابن الاثير ( ج ٣ ص ١٩٥ ) : « وكان سبب موته أنه سخط قتل حجر بن عدي ، حتى انه قال : لا تزال العرب تقتل صبراً بعده ، ولو نفرت عند قتله ، لم يقتل رجل منهم صبراً ، ولكنها قرت فذلت ، ثم مكث بعد هذا الكلام جمعة ، ثم خرج يوم الجمعة فقال : أيها الناس ، انى قد مللت الحياة فاني داع بدعوة فأمنوا. ثم رفع يديه بعد الصلاة فقال : اللهم ان كان لي عندك خير فاقبضني اليك عاجلاً ، وأمن الناس ـ ثم خرج ، فما توارت ثيابه حتى سقط (٢) ».
وكتب الحسين عليهالسلام الى معاوية في رسالة له : « ألست القاتل حجراً أخا كندة ، والمصلين العابدين ، الذين كانوا ينكرون الظلم ، ويستعظمون البدع ، ولا يخافون في اللّه لومة لائم؟. قتلتهم ظلماً وعدواناً من بعدما كنت أعطيتهم الايمان المغلظة والمواثيق المؤكدة [ يشير الى نصوص المادة الخامسة من معاهدة الصلح ] أن لا تأخذهم بحدث كان بينك وبينهم ولا باحنة تجدها في نفسك عليهم (٣) ».
ثم جاء دور التاريخ فخصص نصر بن مزاحم المنقري كتاباً في مقتل حجر بن عدي ، ولوط بن يحيى بن سعيد الازدي كتاباً (٤) ، وهشام بن محمد
__________________
١ ـ الطبري ( ج ٦ ص ١٥٧ ) وغيره.
٢ ـ وذكر ذلك كل من الاستيعاب واسد الغابة والدرجات الرفيعة والشيخ في الامالي.
٣ ـ البحار ( ج ١٠ ص ١٤٩ ).
٤ ـ فهرست ابن النديم ( ص ١٣٦ ).