اللّه يا أمير المؤمنين ، ما هذا الذي بلغك فسررت به؟ ». قال : « موت الحسن بن علي » ، فقالت : « انا للّه وانا اليه راجعون » ، ثم بكت وقالت : « مات سيد المسلمين ، وابن بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه ( وآله ) وسلم » فقال معاوية : « نعما واللّه ما فعلت ، انه كان كذلك ، أهل ان يبكى عليه ».
وزاد ابن قتيبة على هذا بقوله : « فلما أتاه الخبر أظهر فرحاً وسروراً حتى سجد وسجد من كان معه ، وبلغ ذلك عبد اللّه بن عباس ـ وكان بالشام يومئذ ـ فدخل على معاوية فلما جلس ، قال معاوية : يا ابن عباس ، هلك الحسن بن علي. فقال ابن عباس : نعم هلك انا للّه وانا اليه راجعون ترجيعاً مكرراً. وقد بلغني الذي أظهرت من الفرح والسرور لوفاته. أما واللّه ما سد جسده حفرتك ، ولا زاد نقصان أجله في عمرك. ولقد مات وهو خير منك. ولئن أصبنا به ، لقد أصبنا بمن كان خيراً منه ، جده رسول اللّه صلى الله عليه وسلم. فجبر اللّه مصيبته وخلف علينا من بعده أحسن الخلافة.
« ثم شهق ابن عباس وبكى من حضر في المجلس ، وبكى معاوية. قال الراوي : فما رأيت يوماً أكثر باكياً من ذلك اليوم. فقال معاوية : كم اتى له من العمر؟ فقال ابن عباس : امر الحسن أعظم من ان يجهل أحد مولده. قال : فسكت معاوية يسيراً ثم قال : يا ابن عباس ، أصبحت سيد قومك من بعده. فقال ابن عباس : أما ما أبقى اللّه أبا عبد اللّه الحسين فلا (١) ».
وعرض اليعقوبي ( ج ٢ ص ٢٠٣ ) صورة عن الاثر العظيم الذي قوبل به نبأ وفاة الحسن عليهالسلام في الكوفة ، وما اجتمع عليه زعماء الشيعة هناك في دار كبيرهم ( سليمان بن صرد ) وتعزيتهم الحسين عليهالسلام بكتاب مفتجع بليغ.
__________________
١ ـ ابن قتيبة المتوفى سنة ٢٧٦ ( ص ١٥٩ ـ ١٦٠ ) وذكر مثله أو قريباً منه اليعقوبي والمسعودي أيضاً.