__________________
كتابه « أيام الحسن » ( من صفحة ١١٢ الى ١٢٨ ) ولعل من الافضل أن نختزل هنا الخطوط الرئيسة من تلك الصورة المفصلة ، اتماماً للفائدة قال :
« وهؤلاء الامويون لم يكتفوا بأن يفرضوا انفسهم ووجودهم الخالي من الحياة والجهد ، بل تجاوزوا هذا ، الى تعبئة المجتمع في طبقات .. واذا بالثروات الفاحشة تصير وتجتمع في أيدي الامويين وانصارهم ، واذا بمروان يستبد بالمقدرات العليا على هواه ، واذا بأكثر الاقاليم تذهب اقطاعات بين فلان وفلان .. فيعلى بن امية يملك ما قيمته مائة الف دينار ، عدا عقاراته الكثيرة. وعبد الرحمن بن عوف يملك ما قيمته خمسمائة الف دينار. وزيد بن ثابت يملك من الذهب والفضة ما كان يكسر بالفؤوس .. فلا بدع ان استنكرت الكثرة خطة هذا الجديد ، ولا بدع ان تحدوا انصاره واتهموهم بالمروق ، ولا بدع ان دخلوا معهم في صراع بدأ خفياً ثم امتد حمياً.
« ولقد باتت الحالة العامة تجيء في كلمتين : حكومة تتآمر بالشعب وشعب يتآمر بالحكومة. ولكن للشعب الكلمة الاخيرة والعليا دائماً .. ومن الانصاف والخير ان نذكر ان الجمهور مع ذلك لم يكن أرعن في ثورته ، فقد اتصل بأولياء الامور والسلطة ، وطالب بواسطة ممثليه مراراً وتكراراً ولكن مطاليبه في كل مرة كانت تبوء بالفشل وكان فشلاً ذريعاً متواصلاً ، ومن النوع المثير.
« وكان عمرو بن العاص في هذه الاثناء يحرض الناس على عثمان ويجبه سياسته علانية ويتجسس عليه ويفضح الاحاديث التي تجري داخل داره ، ولا يلقى احداً الا أدخل في روعه كراهيته .. ويقابله حينما خطب عثمان على ملأ من الصاخبين المتمردين بقوله : « يا امير المؤمنين انك قد ركبت نهابير وركبناها معك فتب نتب ». وهذه عائشة تجترئ وهو يخطب فتقول وقد نشرت قميص النبي : « هذا قميص النبي لم يبل وقد ابليت سنته ». وهذا طلحة والزبير يعينان الثائرين بالمال .. ولكن علياً مع كل ما هو عاتب وواجد .. بادر الى تقديم ولديه لاعتباراتهما التقديرية ومواليه لكي ينهنهوا عوادي الاحداث ..
« وحين بلغه أن الناس حصروا داره ومنعوه الماء بعث اليه بثلاث قرب وقال للحسن والحسين اذهبا بسيفكما حتى تقوما على بابه ولا تدعا احداً يصل اليه بمكروه. وكان أن خضب الحسن بالدماء وشج قنبر مولاه.
« هذا ما عرف التاريخ عن علي وبنيه ازاء المصرع ، بينما عرف من ناحية ثانية ، أن عثمان وهو محاصر كتب الى معاوية وهو بالشام : « أن اهل المدينة قد كفروا واخلفوا الطاعة ونكثوا البيعة ، فابعث الي من قبلك من مقاتلة أهل الشام على كل صعب وذلول ». فاذا بمعاوية حينما جاءه