نعم كانت حجة معاوية الوحيدة في رسائله الى الحسن ، ادعاؤه « اني اطول منك ولاية واقدم منك بهذا الامر تجربة واكبر منك سنّاً! (١) » ولا شيء غير ذلك.
ولو كان لدى معاوية من وراء هذه الجمل المتعاطفة ، حجة حرية بالقول أو عسية بالقبول ، لافضى بها ، ولترك النزوع الى نبش الدفائن وتأريث النعرات.
وليت شعري ، أيَّ تجاربك تعني أبا يزيد؟! ..
أيوم ضجّت الشام منك الى عمر حتى قام لشكاويها وقعد ، واستقدمك ـ مع البريد ـ وكنت أخوف منه من غلامه « يرفأ ».؟ أم يوم ضربك بالدرة على رأسك حين دخلت عليه معجباً بملابسك الخضر؟
أم يوم كنت تقتطع الامور من دون عثمان ، ثم تقول : « هذا أمر عثمان » كذباً حتى لقد كنت أحد أسباب نكبته؟
أم يوم سعيت برجلك وجيشك تحارب امام زمانك بالسلاح باغياً ـ غير متحرج ولا متأثم ـ؟
وهل في هذا القديم « من تجاربك » ما يشعر بالحجة على استحقاقك الولاية أو الاستمرار على مثلها؟. فأين اذاً استحقاق الخلافة يا ترى؟ ..
وهل في ولاية تتقادم على مثل هذا النسق المجلوب عليه ، والقائم على الكذب والبهتان واراقة الدماء ، ما يدل على أهلية المقام الديني الرفيع؟.
__________________
كتابه يتربص به ، فقد كره ـ على حد دعواه ـ مخالفة أصحاب الرسول ، وقد علم اجتماعهم على ذلك. ومن تهكمات القدر أن يحرض عمرو بن العاص على قتل عثمان ونجبهه عائشة علانية ويتخلى معاوية عن نجدته ويعين عليه طلحة والزبير كلاهما ، ثم ينفر هؤلاء أنفسهم هنا وهناك يطالبون بدمه علي بن ابي طالب الذي أخلص له النصيحة وحذره من هذا المصير وكان مجنه دون رواكض الخطوب .. ».
١ ـ شرح النهج ( ٤ ـ ١٣ ).