الى مبارزة ، فان دُعيت لها فأجب ، فان الداعي لها باغ .. ».
وليرجع الى واجبه الشرعي بما له من ولاية أمر المسلمين ، وليس للامام الذي قلده الناس بيعتهم ، أن يغضي على الجهر بالمنكر والبغي على الاسلام ما وجد الى ذلك سبيلاً.
واللّه تعالى شأنه يقول : « فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء الى أمر اللّه ».
ورسول اللّه صلىاللهعليهوآله يقول : « من دعا الى نفسه ، أو الى أحد ، وعلى الناس امام ، فعليه لعنة اللّه فاقتلوه ».
اما السبيل الى ذلك ، ولا نعني به الا القوة على انكار المنكر ، فقد كان للكوفة من القوى العسكرية في مختلف الثغور الخاضعة لها ، ما يؤكد الظن بوجود الكفاية للحرب ، رغم الاوضاع الشاذة التي نزع اليها كثير من خونة الكوفيين المواطنين.
وكان للدولة الاسلامية في أواسط القرن الاول ، أعظم جيش تحتفل بمثله تلك القطعة من الزمن ، لولا أن الالتزام بقاعدة « المرابطة » التي تفرضها حماية الثغور والتي كان من لوازمها توزيع القسم الاكثر من الجيوش الاسلامية على مختلف المواقع البعيدة عن المركز ، كان يحول دائماً دون استقدام العدد الكثير من تلك الوحدات للاستعانة به في الحروب القريبة من المركز ، ولا سيما مع صعوبة العمليات السوقية بنظامها السابق ووسائطها القديمة المعروفة.
وكان الجيش المقدَّر على الكوفة وحدها. تسعين الفاً أو مائة الف ـ على اختلاف الروايتين (١) ـ. وكان الجيش المقدَّر على البصرة ثمانين الفاً (٢). وهؤلاء هم أهل العطاء في المصرين ، أعني الجنود الذين يتقاضون
__________________
١ ـ يرجع الى اليعقوبي ( ج ٢ : ص ٩٤ ) ، والى الامامة والسياسة ( ص ١٥١ ).
٢ ـ حضارة الاسلام في دار السلام لجميل مدور.