قلت : يا رسول الله غلبتني عيني. قال : «فكيف تصنع إذا أخرجوك منها؟» قال : قلت : ألحق بأرض الشام فإنها أرض محشر والأرض المقدسة قال : «فكيف تصنع إذا أخرجوك منها؟» قلت : أرجع إلى مهاجري قال : «فكيف تصنع إذا أخرجوك منه؟» قلت : آخذ سيفي فأضرب به قال : «فلا تصنع خيرا من ذلك وأقرب : تسمع وتطيع وتنساق معهم حيث ساقوك» [١٧٥] قال أبو ذرّ : والله لألقين الله وأنا سامع مطيع.
وأخبرنا أبو المظفّر بن القشيري وأبو القاسم الشّحامي ، قالا : أنا أبو سعد الجنزرودي ، أنا أبو سعيد محمد بن بشر بن العباس التميمي ، أنا أبو لبيد محمد بن إدريس السامي السرخسي ، نا سويد بن سعيد ، نا علي بن مسهر ، عن داود بن أبي هند ، عن أبي حرب بن أبي الأسود الدئلي ، عن عمه ، قال : لقيت أبا ذرّ بالرّبذة (١) فقال : كنت نائما في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم فمرّ بي فضربني برجله ثم قال : «ألا أراك نائما فيه» فقلت : بأبي وأمي غلبتني عيني فنمت قال : «كيف تصنع إذا أخرجت منه؟» قال : ألحق بالأرض المقدسة أرض الشام. قال : «فكيف تصنع إذا أخرجت منها؟» قال : قلت : أرجع إليه قال : «فكيف تصنع إذا أخرجت منه؟» قال : قلت : آخذ سيفي ثم أضرب به. قال : «أوتصنع خيرا من ذلك وأقرب رشدا؟ قال : تسمع لهم وتطيع وتنساق حيث ساقوك» [١٧٦] قال : والله لألقين الله وأنا مطيع لعثمان رضياللهعنه.
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، أنا أبو علي المذهب ، أنا أبو بكر القطيعي ، نا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، نا يزيد ، نا كهمس بن الحسن ، نا أبو السليل ، عن أبي ذرّ قال : جعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم يتلو عليّ هذه الآية (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً)(٢) حتى فرغ من الآية ، ثم قال : «يا أبا ذرّ لو أن الناس كلهم أخذوا بها لكفتهم» قال : فجعل يتلوها ويردّدها عليّ حتى نعست ثم قال : «يا أبا ذرّ كيف تصنع إن أخرجت من المدينة؟» قال : قلت : إلى السعة والدعة أنطلق حتى أكون حمامة من حمام مكة. قال : «فكيف تصنع إن أخرجت من مكة؟» قال : قلت : إلى السعة والدعة إلى الشام والأرض المقدسة. قال : «فكيف تصنع إن أخرجت من الشام؟» قال : قلت : إذا والذي
__________________
(١) الرّبذة : بفتح أوله وثانيه ، من قرى المدينة على ثلاثة أيام قريبة من ذات عرق ، وبهذا الموقع قبر أبي ذر الغفاري (ياقوت).
(٢) سورة الطلاق ، الآية : ٢.