حدثهم عن ابن جابر وغيره قالوا : لما كان الوليد ـ وقال تمام : لما كان ولاية الوليد ـ وأراد بناء المسجد فقال : إنا نريد أن نزيد في مسجدنا كنيستكم هذه كنيسة يوحنا ، ونعطيكم موضع الكنيسة حيث شئتم ، وإن شئتم أعطيناكم ثمنها. وأضعف لهم في الثمن وأرفع ذلك. فأبوا وقالوا : لا نبيع ولا نأذن في هدمها ، ولنا ذمة وعهد والله إنا لنجد ما يهدمها أحد إلّا جنّ قال : فأنا أول من يهدمها ، فقام وعليه قباء أصفر ، فرفع نوقته (١) ثم ضرب وهدم الناس معه. فزاد من ناحية شرق المسجد المقصورة كلها من كنيستهم ، وأقاموا على ما هم [حتى كان](٢) عمر بن عبد العزيز.
قال ابن المعلّى : وأخبرني شيبة (٣) بن الوليد القرشي حدثني أبي قال : كنت أمر بعبد الرّحمن بن عامر اليحصبي ـ وهو شيخ كبير أزرق ـ وهو جالس بالروضة فيقول : ألا تأتي حتى أكتب لك أن (٤) تحاز جدك وهو يضرب بالفأس في الكنيسة بعد الوليد؟
قلت : نعم ، ولكن حدّثني الحديث. فقال : إنه لما عزم الوليد على هدم الكنيسة قالوا له إنه لا يهدمها أحد إلّا جنّ. فقام جدك يزيد بن تميم فجمع له وجوه أهل البلد. وأمر له الوليد أن يتّخذ فأسا صغيرة ، ففعل. وخرج الوليد ومعه وجوه أهل البلد حتى علا الكنيسة ثم التفت إلى يزيد فقال : أين الفأس؟ فأتاه به. فقال : إن هؤلاء الكفرة يزعمون أن أول من هدمها (٥) يجنّ ، وأنا أول من يجن في الله تعالى ، فأخذ برقة قبائه فوضعها في منطقته ، ثم أخذ الفأس فضرب به ضربات ، ثم ناوله جدك فضرب به بعده ، ثم ناوله أبا ناتل رباح الغسّاني فضرب به ، وكان على شرطه. وتناوله كل من حضر ، ولم يجدوا من ذلك بدّا إذ فعله أمير المؤمنين.
وصاح النصارى على الدرج (٦) وولولوا فالتفت إلى أبي ناتل فقال : لأعلّمن منهم اثنين (٧) ثم التفت إلى يزيد بن تميم ـ وهو على خراجه ـ وقال : ابعث إلى اليهود حتى
__________________
(١) كذا بالأصل وخع ، وفي المطبوعة : فرفعة بخرقة.
(٢) عن خع وبالأصل : «مضى» وفي المطبوعة : حتى ولي.
(٣) بالأصل : «شبيبة» والمثبت عن خع.
(٤) كذا بالأصل وخع ، وفي المطبوعة : ارتجاز.
(٥) في خع : يهدمها.
(٦) بالأصل «الروح» والمثبت عن خع.
(٧) بالأصل وخع : اثنان.