باب
ذكر حكم الأرضين وما جاء فيه عن السّلف الماضية (١)
لا خلاف بين الأئمة من سلف هذه الأمة أن كل بلد صولح أهله على الخراج المعلوم أنه لا يجوز تغيير ما استقر عليهم من الرسوم.
وقد صح أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أمضى لأهل مدينة دمشق الصلح ، كما تقدم في هذا الكتاب ، لأنه رضياللهعنه لما أشكل عليه الحال في الفتح ، وهل سبق من دخلها عنوة أو من دخلها بالصلح ، أمضاها كلها صلحا لأهلها ، وقبل منهم شروطا رضوا ببذلها. فأما ما ظهر عليه المسلمون عنوة من أعمالها ونواحيها وحووه بالقهر والغلبة من أهلها ، فقد اختلف العلماء الماضون في حكمه ، ولم تتفق آراؤهم في انفاقه (٢) أو قسمه.
فذهب عمر وعلي ومعاذ بن جبل إلى أنها وقف بين المسلمين لا تقسم بين من غلب عليها من الغانمين ، وتجري غلّتها (٣) عليهم وعلى من بعدهم من الخائفين إلى أن يرث الله الأرض من عليها وهو خير الوارثين.
وذهب الزبير بن العوام وبلال بن رباح إلى أنها ملك الغانمين فيقسم بينهم على ما يراه إمام المسلمين.
وذهب أبو حنيفة وسفيان الثوري وهما من العلماء الكبار إلى أن الإمام في ذلك بالخيار إن شاء وقفها ، وإن شاء قسمها ووزعها على [ما](٤) يراه بين من غنمها.
__________________
(١) الأصل وخع ، وفي المطبوعة : الماضين.
(٢) كذا. وفي المطبوعة : إيقافه.
(٣) بالأصل وخع : «ويجري عليها» والمثبت عن مختصر ابن منظور ١ / ٢٣١.
(٤) زيادة عن خع ومختصر ابن منظور.