الميداني : أدركت منها ـ](١) فرادّه (٢) في بيت المال ، أعمد إلى ذلك الفسيفساء والرخام فأقلعه وأطيّنه (٣) ، وأنزع تلك السلاسل وأجعل مكانها حبالا ، وأنزع تلك البطائن فأبيع جميع (٤) ذلك وأدخله بيت المال. فبلغ ذلك أهل دمشق ، فاشتدّ عليهم ، فخرج إليه أشرافهم فيهم خالد القسري (٥). فقال لهم : ائذنوا لي حتى أكون أنا المتكلم. فأذنوا له ، فلما أتوا إلى دير سمعان استأذنوا على عمر. فأذن لهم. فلما دخلوا سلّموا عليه ، فقال له خالد : يا أمير المؤمنين! بلغنا أنك هممت في مسجدنا بكذا وكذا. قال : رأيت أموالا أنفقت في غير (٦) حقها ، وأنا مستدرك (٧) ما أدركت فرادّه (٨) إلى بيت المال. فقال له : والله ما ذلك لك (٩) يا أمير المؤمنين. فقال عمر : لمن هو؟ لأمّك الكافرة! وغضب عمر ـ وكانت أمه نصرانية ، أم ولد ، رومية ـ فقال خالد : إن تك نصرانية فقد ولدت مؤمنا.
فاستحيى عمر ، وقال : صدقت! فما قولك : ما ذاك لي؟ قال : إنّا كنّا معشر أهل الشام ، وإخواننا من أهل مصر والعراق ، نغزو فيفرض على الرجل منا أن يحمل من أرض الروم قفيزا (١٠) بالصغير من فسيفساء ، وذراعا (١١) في ذراع من رخام. فيحمله أهل العراق وأهل حلب إلى حلب ، ويستأجر على ما حملوه إلى دمشق. ويحمل (١٢) أهل حمص إلى حمص ، ويستأجر على ما حملوا إلى دمشق. ويحمل أهل دمشق ومن وراءهم حصّتهم إلى دمشق. فذلك قولي : ما ذاك لك. فسكت عمر.
ثم جاءه بريد من مصر من واليها يخبره أنّ قاربا ورد عليه من رومية فيه عشرة من
__________________
(١) ما بين معكوفتين ساقط من المطبوعة.
(٢) عن مختصر ابن منظور ١ / ٢٦٩ وبالأصل وخع : فراره.
(٣) بالأصل : «والرخا وما قلعه وأطيبه» والصواب عن المختصر ، وفي خع : والرخام ما قلعه وأصيبه».
(٤) سقطت من المطبوعة.
(٥) بالأصل : «التسرى» وفي خع : «التسنوى» والصواب عن المختصر ، وهذه النسبة إلى قسر ، بطن من قيس ، وقيس بطن من بجيلة.
(٦) سقطت من الأصل واستدركت عن خع.
(٧) عن خع وبالأصل : أستدرك.
(٨) بالأصل وخع : «فراره» والمثبت عن المختصر.
(٩) بالأصل وخع : «مالك لك» والمثبت عن المختصر.
(١٠) بالأصل : «قسيما بالقصر» والمثبت عن المختصر.
(١١) بالأصل وخع «وذراع» والمثبت عن المختصر.
(١٢) بالأصل وخع : «ويحمله» والمثبت عن المختصر والمطبوعة ٢ / ٤٣.