بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام ، أسلم تسلم ، أسلم يؤتك الله أجرك مرتين ، فإن تولّيت فإن عليك اسم الإرّيسين (١) و (يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً) الآية (٢).
قال أبو سفيان : فلما قال ما قال ، وفرغ من قراءة الكتاب (٣) كثر عنده الصخب وارتفعت الأصوات ، وأخرجنا. فقلت لأصحابي حين أخرجنا ، لقد أمر (٤) أمر ابن أبي كبشة إنه يخافه [ملك](٥) بني الأصفر فما زلت موقنا أنه سيظهر حتى أدخل الله عليّ الإسلام ، وكان ابن قاطور وهو صاحب إيلياء وهرقل سقّفه على نصارى الشام يحدث أن هرقل حين قدم إيلياء أصبح يوما خبيث النفس. فقال له بعض بطارقته لقد أنكرنا هيئتك فقال ابن ناطور : وكان هرقل رجلا حزّاء ينظر في النجوم. فقال لهم حين سألوه : إني رأيت الليلة حين نظرت في النجوم ملك الختان قد ظهر. فمن (٦) يختتن من هذه الأمة؟ قالوا : ليس يختتن غير اليهود فلا يهمنك شأنهم ، وأمر إلى مدائن ملكك فليقتلوا من فيهم من اليهود ، فبينا هم على أمرهم ذلك أتي هرقل برجل أرسل [به](٧) ملك غسان يخبره عن خبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم فلما (٨) : استخبره هرقل ، قال : اذهبوا فانظروا أمختتن هو أم لا؟ فنظروا إليه فحدثوه أنه مختتن ، فسأله عن العرب أيختتنون؟
فقال : نعم هم يختتنون ، فقال هرقل : هذا ملك هذه الأمة قد ظهر ، فكتب هرقل إلى صاحب [له](٩) برومية وكان نظيره في العلم ، وسار هرقل إلى حمص فلم يرم حمص
__________________
(١) في الطبري وابن الأثير في الكامل : «إثم الأكّارين» ، وبالأصل الأريسيين ، والمثبت عن مختصر ابن منظور.
قال ابن الأثير في النهاية : اختلف في هذه اللفظة صبغة ومعنى فروي الأريسين بوزن الكريمين ، وروى الإريسين بوزن الشرّيين وروى الأريسيين بوزن العظيميين. وأما معناها فقال أبو عبيد : هم الخدم والخول لصده إياهم عن الدين.
(٢) سورة آل عمران ، الآية : ٦٤.
(٣) الكتاب في الطبري ٣ / ١٥٦٧ وابن الأثير ١ / ٥٩٢ من تحقيقنا ، وصبح الأعشى ٦ / ٣٥٩ ودلائل النبوة للبيهقي ٤ / ٣٨٤ والوثائق السياسية لحميد الله ص ١٠٩.
(٤) يعني كثر وارتفع شأنه ، وابن أبي كبشة يعني به النبي صلىاللهعليهوسلم.
(٥) عن خع.
(٦) عن خع وبالأصل «ممن».
(٧) عن خع.
(٨) عن خع وبالأصل «قلنا».
(٩) عن مختصر ابن منظور ، وبالأصل وخع «برومة».