وقد هداه الله تعالى إلى طريق الرُّشد ، ونصب له القادة الراشدين ، وألهمه الهدىٰ ، وحذّره الردىٰ ، وتفضّل عليه بالعقل الفاصل بين الحقّ والباطل .
إلّا أنّ النفس لأمّارةٌ بالسوء ..
فلابدّ من هادٍ معصوم يهديه بحقّ ، ويرتقي به من الروح الحيوانيّة إلى الروح الملائكيّة ، ويصدّها عن طريق الشرّ ، ويأخذُ بها إلى طريق الخير .
ففي الحديث الشريف عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قال : ـ
« الشرّ كامنٌ في طبيعة كلّ أحد ، فإن غلبه صاحبُه بَطَن ، وإن لم يغلبه ظهر »(١) .
وفي حديث الإمام الباقر عليهالسلام : ـ
« إنّ طبايع الناس كلّها مركّبة على الشهوة ، والرغبة ، والحرص ، والرهبة ، والغضب ، واللّذة .
إلّا أنّ في الناس من زَمَّ هذه الخلال بالتقوىٰ ، والحياء ، والأنَف .
فإذا دعتك نفسك إلى كبيرة من الأمر فارمِ ببصرك إلى السماء .
فإن لم تخف من فيها فانظر إلى مَن في الأرض لعلّك تستحيي ممّن فيها .
فإن كنت لا ممّن في السماء تخاف ولا ممّن من الأرض تستحي ، فعُدَّ نفسك من البهائم »(٢) .
ولذلك حثَّ أولياءُ الله على مكارم الأخلاق ، وأمروا بها ، ورغّبوا الناس فيها ، كي يرفعوهم عن الدناءات إلى المحاسن ، ويسعدوهم بالخُلق الطيّب ، والحياة السعيدة .
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله لمعاذ حين بعثه إلى اليمن : ـ
( يا معاذ : علّمهم كتاب الله ، وأحسِن أدبهم على الأخلاق الصالحة )(٣) .
__________________________________
(١) فهرس غرر الحكم / ص ١٧٣ .
(٢) مستدرك وسائل الشيعة / ج ١١ / ص ٢١٢ / ح ٤ .
(٣) بحار الأنوار / ج ٧٧ / ص ١٢٨ .