قال : فأشهد بالله ، وأشهد لله ، لقد سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : ( مَن سبّ عليّاً فقد سبّني ، ومَن سبّني فقد سبّ الله عزّ وجلّ ) ، ثمّ مضىٰ ...(١) .
هذا حكم من سبّ أحد الأئمّة الطاهرين عليهمالسلام ، لكن مع ذلك كان الأئمّة عليهمالسلام يقابلونهم بالعفو والإحسان ، ويُطفئون بذلك نائرة الأضغان ، ومكيدة العدوان ، وينجونهم من عذاب الله والنيران .
فإنّ الإمام هو الأب العطوف ، والوالد الرؤوف ، والغيث والرحمة لجميع الاُمّة .
ونماذج إطفائهم عليهمالسلام النائرات ، وإخمادهم العداوات ، ظاهرة وشاهرة في سيرتهم المباركة .
من ذلك ما روي عن الإمام الحسن المجتبى عليهالسلام أنّ شاميّاً رآه راكباً فجعل يلعنه ، والإمام الحسن عليهالسلام لا يردّ .
فلمّا فرغ أقبل الإمام الحسن عليهالسلام فسلّم عليه وضحك فقال : أيّها الشيخ أظنّك غريباً ، ولعلّك شبّهت .
فلو استعتبتنا أعتبناك ، ولو سألتنا أعطيناك ، ولو استرشدتنا أرشدناك ، ولو استحملتنا أحملناك ، وإن كنت جائعاً أشبعناك ، وإن كنت عرياناً كسوناك ، وإن كنت محتاجاً أغنيناك ، وإن كنت طريداً آويناك ، وإن كان لك حاجة قضيناها لك ، فلو حرّكت رحلك إلينا وكنتَ ضيفنا إلى وقت ارتحالك كان أعوَد عليك ، لأنّ لنا موضعاً رحباً ، وجاهاً عريضاً ، ومالاً كثيراً .
فلمّا سمع الرجل كلامه بكىٰ ثمّ قال : أشهدُ أنّك خليفة الله في أرضه ، الله أعلم حيث يجعل رسالته ، وكنت أنت وأبوك أبغضَ خلق الله إليّ ، والآن أنت أحبُّ خلق الله إليَّ .
__________________________________
(١) لاحظ إحقاق الحقّ / ج ٥ / ص ٥٠ .