فقوله عليهالسلام : ضمّ أهل الفرقة يستفاد منه تأليف الذين بناؤهم على المفارقة والمشاكسة ، فإنّ جمعهم وانضمامهم يوجب عدم النزاع والشِّقاق وعدم الافتراق في المجتمع .
كما ينبغي أن يُعلَم أنّ الحلية والزينة المطلوبين هو ضمّ الفُرقة المذمومة لا الفُرقة عن الباطل والانحياز عنه التي هي فرقة حقّة لازمة ، فلا يحسن محاولة الضمّ بين الحقّ والباطل ، بل يلزم الافتراق عن الباطل ، والتفرّق عن الظلم ، فإنّه لا ينضمّ معهم ولا يعينهم ولا يحسن إعانتهم حتّى على بناء مسجد ، ولا ينضمّ إليهم في شيء .
فإنّ ذلك معدود من الإعانة على الظلم ، والفساد المذموم والمحرّم .
ففي الحديث عن النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم : ـ ( من مشىٰ مع ظالم فقد أجرم )(١) .
وعن الإمام الصادق عليهالسلام : ـ ( لا تعنهم على بناء مسجد )(٢) .
وعنه عليهالسلام : ـ ( من مشى إلى ظالم ليعينه وهو يعلم أنّه ظالم فقد خرج عن الإسلام )(٣) .
عليه فليس كلّ فُرقةٍ رذيلة ، ولا كلّ ضمّ فضيلة .
وإنّما الفضيلة والصفة الجميلة هو الجمع والتأليف في المتفرّقين الذين كان تفرّقهم مذموماً ، فيحسن ضمّهم .
فيجمع بين أهل الفرقة ، ويؤلّف قلوبهم ، ويرفع الشتات الذي حصل فيهم .
وتأليف القلوب هذا من محامد صفات أهل البيت عليهمالسلام وأخلاقهم ، حتّى مع الذين عاندوهم ، وبنوا على التفرّق عنهم .
فساروا عليهمالسلام معهم بالسيرة الحسنة والأخلاق الطيّبة ، فاهتدى بعضٌ وضلّ آخرون .
ونموذج ذلك ظاهر من سيرة حياتهم كما تلاحظه في حديث سيرة الإمام
__________________________________
(١) جامع الأخبار / ص ١٥٥ .
(٢) الوسائل / ج ١٧ / ص ١٨٠ / ح ٨ .
(٣) الوسائل / ج ١٧ / ص ١٨٢ / ح ١٥ .