وبالرغم من ذلك لم يردّ الرسول عليها بشيء ، ولم يغلظ لها بقول .
ومن نماذج لين عريكته صلوات الله عليه وآله ؛ موقفه الكريم في قضيّة القطيفة الحمراء(١) ، في واقعة بدر ، بعد انهزام المشركين وبقاء الغنائم في حوزة المسلمين .
وكان في الغنائم قطيفة حمراء وضيعة لا تسوى شيئاً ، ضاعت من بين الغنائم .
فبرز أحد الأصحاب من المنافقين وقال : ـ ( إنّ رسول الله غلّها ) أي سرقها والعياذ بالله ، ورسول الله هو الأمين المسمّى بمحمّد الأمين حتّى عند المشركين وحتّىٰ في الجاهليّة .
وحدث دويّ بين الأصحاب من هذه الكلمة البذيئة ، ورسول الله بريءٌ من الغلّ والسرقة ، ولم يأخذ تلك القطيفة .
ومع ذلك لم يردّ الرسول عليه بشيء ، ولم يخشن له بقول ..
بالرغم من أنّ الرسول له الحقّ الشرعي في أن يصطفي من الغنائم ما يشاء .
فنزلت الآية الشريفة : ـ ( وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ )(٢) ، فبرّء الله تعالى نبيّه من السرقة والخيانة .
وجاء رجلٌ إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : إنّ فلاناً غلّ القطيفة وأخبأها هنالك ، فأمر رسول الله صلىاللهعليهوآله بحفر ذلك الموضع ، وإخراج تلك القطيفة ، كما تلاحظه في التفسير(٣) .
وهذه القضيّة آية من لين عريكة النبيّ الأعظم حيث لم يظهر منه أيّ شدّة في مقابل هذه التهمة البذيئة ، من منافقٍ رديء ، يدّعي الإيمان بالنبيّ وينسبه إلى
__________________________________
(١) القطيفة هي القطعة من القماش المخمل ، يتدثّر بها .
(٢) سورة آل عمران : الآية ١٦١ .
(٣) كنز الدقائق / ج ٣ / ص ٢٥٤ .