لكن أجابه السيّد بجواب هزّه ، وغيّره أيّما تغيير ، حيث قال له : ـ
أنت تقيسني بالشيخ الأنصاري ، أنا وين ، والشيخ الأنصاري وين ؟ ما رأيتم من الإشكالات بيّنوها لي وأنا أشكركم على ذلك ..
هذا تواضع وخفض جناح .
ويحكى عن المقدّس الأردبيلي أعلى الله مقامه أنّه حصل له مع الشيخ البهائي في النجف الأشرف بحثٌ علميّ ، ووصل البحث إلى أخذ وعطاء ، وإشكال وجواب .
وفي إشكال من الشيخ البهائي على المقدّس الأردبيلي أمسك المقدّس عن الجواب بحث تخيّل الناس أنّه انقطع المقدّس عن الجواب ، وانتصر الشيخ البهائي .
وانقضىٰ المجلس ، وانفضّ الجمع ، ثمّ التقى الشيخ البهائي بالمقدّس في طريقهم إلى وادي السلام ، فذكر له المقدّس جواب إشكاله ذلك جيّداً ، واقتنع به الشيخ البهائي كاملاً .
فقال الشيخ البهائي للمقدّس : هل رأيت كتاباً اشتمل على هذا الجواب ، أو كنت تعرفه في البحث ؟
فأجاب المقدّس كنت أعرفه ، لكن لم أجب به ولم أردّ عليك لأنّك في مقام شيخ الإسلام ، فلا يحسن أن أكون أنا المنتصر عليك .
وهذه نفسيّة عالية من خفض الجناح والتواضع من المقدّس مع علميّته وقدسيّته ومرجعيّته وجلالة قدره يتواضع للشيخ .
وتلاحظ فضيلة هذه المكرمة في الآيات الشريفة ، والأحاديث المباركة ، ومن ذلك :
قال تعالى : ( وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ )(١) .
__________________________________
(١) سورة الحجر : الآية ٨٨ .