فيكون سكون الريح على هذا الوجه بمعنى سكون قوّة الشخص ، يعني : شخصيّة الرجل في الثبات وعدم التزلزل .
فيرجع معنى سكون الريح إلى الثبات على طريق الحقّ ، والاستقامة فيه .. وهو ممدوح أيضاً ، بل هو مطلوبٌ شرعاً ، كتاباً وسنّةً .
فالاستقامة على الطريقة الحقّة ، والطاعة الإلهيّة ، والمذهب المقبول ، نطق بها القرآن الكريم والحديث الشريف ، وذلك : ـ
١ ـ القرآن الكريم ، في قوله تعالى : ـ ( وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا )(١) .
٢ ـ الحديث الشريف ، وصيّة الإمام الصادق عليهالسلام لعبد الله بن جُندب :
( يابن جُندب : لو أنّ شيعتنا استقاموا لصافحتهم الملائكة ، ولأظلّهم الغمام ، ولأشرقوا نهاراً ، ولأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم ، ولما سألوا الله شيئاً إلّا أعطاهم ...
ثمّ قال عليهالسلام : ـ
يا ابن جُندب : بلّغ معاشر شيعتنا وقُل لهم : لا تذهبنَّ بكم المذاهب ، فوالله لا تُنال ولايتنا إلّا بالورع والاجتهاد في الدُّنيا ، ومواساة الاخوان في الله .
وليس من شيعتنا من يظلم الناس .
يا ابن جُندب : إنّما شيعتنا يُعرفون بخصالٍ شتّى : ـ
بالسخاء والبذل للاخوان ، وبأن يصلّوا الخمسين ليلاً ونهاراً(٢) .
شيعتنا لا يهرّون هرير الكلب(٣) ، ولا يطعمون طمع الغراب(٤) ، ولا يجاورون
__________________________________
(١) سورة الجنّ : الآية ١٦ .
(٢) لعلّ الأصل الإحدى وخمسين ، وهي الفرائض اليوميّة ١٧ ركعة ، والنوافل الليليّة والنهاريّة ٣٤ ركعة .
(٣) هرير الكلب : صوته من قلّة صبره على البرد ، وهو غير النباح ، ولعلّه كناية وإشارة إلى إظهار التضجّر والسخط ، وعدم الصبر والتحمّل .
(٤) يُضرب المَثَل بطمع الغراب ، لما ذُكر في حياته من أنّه يتبع الذئب بطمع أنّه إذا أغار على غنم قومٍ أكل ما فضل منه .