لنا عدوّاً ، ولا يسألون لنا مبغضاً ولو ماتوا جوعاً .
شيعتنا لا يأكلون الجرّي(١) ، ولا يمسحون على الخفّين ، ويحافظون على الزوال ، ولا يشربون مسكراً )(٢) .
والدّعاء الشريف بسكون الريح سؤالٌ بأن يثبّت الله الإنسان في حياته وقوراً غير متزلزل ولا متلوّن .
فإنّ من أهمّ الاُمور الحياتيّة في حياة الإنسان ، ومن مقوّمات شخصيّة الواقعيّة هو أن لا يصير متلوّناً ، فيفقد قيمة الإنسانيّة ، كالذين ذكرهم التاريخ وذكر تلوّنهم في مرّ الزمان وحوادث الأيّام ، وتقلّبات الدهر ، فساءت عاقبتهم ، وفسدت دُنياهم واُخراهم ، ممّن كانوا في قديم الأيّام وحديثه .
خُذ مثالاً لذلك بلعم بن باعوراء الذي قال عنه الله تعالى في القرآن الكريم : ( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ )(٣) .
كان من بني إسرائيل ، من قوم النبيّ موسىٰ عليهالسلام ، وكان يعرف الاسم الأعظم فيدعو به ، ويُستجاب له .
ولمّا مرّ فرعون بجنوده في طلب النبيّ موسى عليهالسلام وأصحابه قال فرعون لبلعهم : ادعُ الله على موسى وأصحابه ليحبسهم علينا حتّى نظفر بهم .
فمالَ بلعم إلى فرعون ، وركب حماره ، متوجّهاً إلى جبلٍ يشرف على بني إسرائيل ، ليقف على ذلك الجبل ، فيدعو عليهم .
فما سار إلّا قليلاً حتّى برك الحمار على الأرض ، فأقبل بلعم يضربه ، فأنطق
__________________________________
(١) الجرّي : بكسر الجيم وتشديد الرّاء ، هو الحيوان المائي المعروف المحرّم اللّحم ، يدعى بثعبان الماء ، ليس له فلس .
(٢) تحف العقول / ص ٣٠٥ .
(٣) سورة الأعراف : الآية ١٧٥ .