هذا هو التلوّن والتزلزل ، وعدم سكون الريح .
تلوّنٌ فظيع يجرّ إلى الكفر والارتداد ، لأنّه إنكارٌ للحقّ بعد معرفته ، وبغيٌ على الإمام بعد معرفة لزوم مودّته .
وقد رُوي أنّه سأله الأصبغ بن نباتة في محضر معاوية فقال له : ـ
يا صاحب رسول الله ، إنّي احلفك بالله الذي لا إله إلّا هو عالم الغيب والشهادة ، وبحقّ حبيبه محمّد المصطفى صلىاللهعليهوآله إلّا أخبرتني :
أشهدتَ غديرَ خمّ ؟
قال أبو هريرة : بلى شهدته .
فقال الأصبغ : فما سمعته يقول في عليّ عليهالسلام ؟
قال أبو هريرة : سمعته يقول : مَن كنتُ مولاه فعليٌ مولاه ، اللَّهُمَّ والِ مَن والاه ، وعادِ مَن عاداه ، وانصُر مَن نصره ، واخذُل من خذله .
فقال له الأصبغ : فأنت إذاً واليت عدوّه ، وعاديت وليّه .
فتنفّس أبو هريرة الصعداء ، وقال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون(١) .
ومن عجيب التلوّن والتزلزل وعدم الثبات تزلزل الزبير بن العوّام ابن عمّة النبيّ صلىاللهعليهوآله وابن عمّة أمير المؤمنين عليهالسلام ، لذي هو عبرة لمن اعتبر ودرسٌ لمن تدبّر .
حيث إنّه بعد سابقة إيمانه ، وخدمته ، وولائه لعليّ عليهالسلام ، أصبح محارباً له وباغياً عليه ، ومؤجّجاً لفتنة الجمل والعمل الأرذل(٢) .
فالصحيح الحقّ ، والخُلق الأليق ، أن يكون إيمان المرء ثابتاً مستقرّاً ، ويكون في حياته ساكناً ، غير متزلزل .
__________________________________
(١) لاحظ السفينة / ج ٨ / ص ٦٧٢ ، وتلاحظ لمزيد معرفة حاله ووضاعته كتب الرجال .
(٢) راجع سفينة البحار / ج ٣ / ص ٤٤٤ .