فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : هذا ممّن جرّه حسنُ خلقه وسخاؤه إلى جنّات نعيم(١) .
وعليه فالإيثار والمواساة فضيلة ممدوحة ، وخليقة طيّبة ، بدليل الكتاب والسنّة .
وأهل البيت عليهمالسلام هم القدوة في إيثار التفضّل ، والابتداء بالفضل والإحسان إلى الغير .
وقد آثروا على أنفسهم ثلاثة أيّام في سبيل الله مسكيناً ويتيماً وأسيراً ، لا يريدون بذلك منهم جزاءً ولا شكوراً ، إلّا رضا الله تعالى ، فخصّهم الله بسورة الدهر ، كما تلاحظه في جميع تفاسير الفريقين .
ودراسة موجزة في إنفاقاتهم تعطيك صورة واضحة عن أنّهم كانوا قمّة الخلق في الإيثار والمواساة .
من ذلك ما تقرأه في باب إنفاقات أمير المؤمنين عليهالسلام (٢) .
كإيثاره بالتصدّق بجميع أمواله ، ووقف عيون ماءه ، وتخصيص حوائطه وبساتينه للفقراء والمساكين ، ولم يدّخر لنفسه ديناراً ولا درهماً ، ولا حطاماً من حطام الدُّنيا .
قال أبو الطفيل : رأيت عليّاً عليهالسلام يدعو اليتامى فيطعمهم العسل ويلعقهم ذلك ، حتّى قال بعض أصحابه : لوددتُ أنّي كنتُ يتيماً .
في حين لم يشبع هو من خبز الشعير ، ولم يأكل خبز البُرّ ، وكان إدامُه الملح فقط ، وربما ائتدم باللبن الحامض كما في حديث سويد بن غفلة .
وكان يقول : ـ ( أَ أَقْنَعُ مِنْ نَفْسِي بِأَنْ يُقَالَ هَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَلاٰ أُشَارِكُهُمْ فِي مَكَارِهِ الدَّهْرِ ، أَوْ أَكُونَ أُسْوَةً لَهُمْ فِي جُشُوبَةِ الْعَيْشِ ، وَلَعَلَّ بِالْحِجَازِ أَوْ الْيَمَامَةِ مَنْ لاٰ طَمَعَ لَهُ فِي الْقُرْصِ وَلاٰ عَهْدَ لَهُ بِالشِّبَعِ )(٣) .
__________________________________
(١) مشكاة الأنوار / ص ٢٣١ .
(٢) لاحظ بحار الأنوار / ج ٤١ / ص ٢٤ / باب إنفاقات أمير المؤمنين عليهالسلام .
(٣) نهج البلاغة / الكتاب ٤٥ .