وحقّاً أنّه ليس ولم يكن في تاريخ العالم حاكمٌ مثل أمير المؤمنين عليهالسلام . وكذا جميع أهل البيت عليهمالسلام كانوا متفضّلين ، ومؤثّرين على أنفسهم بالتفضّل لجميع الناس ، و « بيُمنهم رُزق الورىٰ » .
وعظماء الشيعة وأخيارهم وعلماؤهم جَرَوا على هذه الخصلة الفاضلة ، وتعلّموا من أئمّتهم وسادتهم ، إيثار الفقراء والمحتاجين على أنفسهم ، والتفضّل إليهم ، فنالوا بذلك أعظم الأجر ، وأرقىٰ درجات الفخر .
خُذ نموذجاً منهم : محمّد بن أبي عمير الأزدي رضوان الله تعالى عليه .
كان له على رجلٍ عشرة آلاف درهم ، فذهب ماله ـ أي مال ذلك الرجل ـ وافتقر .
فجاء الرجل وباع داره بعشرة آلاف درهم ، وحملها إليه ، فدقَّ عليه الباب ، فخرج إليه محمّد بن أبي عمير رحمه الله تعالى ..
فقال له الرجل : هذا مالُك الذي لك عليَّ فخذه .
فقال ابن أبي عمير : فمن أين لك هذا المال ، ورثتَه ؟
قال : لا .
قال : ـ وُهبَ لك ؟
قال : ـ لا ، ولكنّي بعتُ داري الفلاني لأقضي دَيني .
فقال ابن أبي عمير : حدّثني ذريح المحاربي ، عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : ـ لا يخرج الرجل عن مسقط رأسه بالدِّين .
إرفعها ، فلا حاجة لي فيها ، والله إنّي محتاج في وقتي هذا إلى درهم ، وما يدخل ملكي منها درهم »(١) .
وهذا غاية الإيثار والمواساة في سبيل الله وإطاعة لحكم الإمام الصادق عليهالسلام
__________________________________
(١) الكُنى والألقاب / ج ١ / ص ١٩١ .