حتّى هذه الصفة يلزم فيها أن تكون سخاءً في موضعه وفي المورد الحقّ .
ففي حديث الإمام الصادق عليهالسلام : ـ
( السخيّ الكريم : الذي يُنفق ماله في حقّ )(١) .
وعليه ، فالإحسان حتّى السخاء يلزم فيه أن يكون إلى أهله ومستحقّه حتّى ينتج النتيجة الحسنة ، والثواب الأكمل في الآخرة .
أمّا إذا كان إلى غير الأهل وغير المستحقّ فإنّه ينتج النتيجة السيّئة كما قال الشاعر :
ومَن يصنَع المعروفَ في غير أهله |
|
يُلاقي الذي لاقى مُجير اُمّ عامرِ (٢) |
فالإفضال والإحسان سواء أكان إحساناً ماليّاً أم عمليّاً يلزم أن يكون إلى من هو أهله ، لأنّه من إيصال الحقّ إلى مستحقّه .
وهي صفة مُثلىٰ ، يُحمد الإنسان عليها ، وتزكو النفس بها .
والمرتبة العُليا من هذه الصفة أن يتنازل الإنسان عن حقّه ويسلّمه إفضالاً إلى من هو أحقّ به .
وهذه المرتبة تحتاج إلى جهاد النفس وعلوّ الروح ، كما تلاحظه في قضيّة المرحوم السيّد حسين الكوه كمري ، الذي كان من أعاظم العلماء والمدرّسين في النجف الأشرف ، ومع ذلك تنازل عن حقّه للشيخ الأنصاري قدسسره في ما ينقل في أحوالهما جاء فيها :
أنّه ذات يوم كان السيّد الكوه كمري عائداً من مكان ، ولم يكن قد بقي إلى
__________________________________
(١) معاني الأخبار / ص ٢٤٣ .
(٢) اُمّ عامر : كنية الضبع ، الاُنثى ، والذكر منه أبو عامر .
وقد أكلت الشخص الذي أجارها من برد الشتاء في خيمته ، فضُرب مثلاً في الذي يُجرىٰ على إحسانه إلى غير محلّه بالسوء .
والضبع معروف بشهوته للحوم بني آدم ، حتّى أنّه ينبش القبور ليأكل لحم الإنسان ، وإذا رأى إنساناً اغتنم الفرصة ليجده نائماً ، فيهجم عليه ليأكل لحمه .