وهذه الصفة الجليلة ممّا كان القدوة فيها أيضاً أهل البيت عليهمالسلام ، وفي الطليعة الصدِّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء سلام الله عليها ، صدعت بالحقّ في حين قلّته ، ونبّهت أهل الغفلة في حين تقاعسهم ، وبيّنت الحقيقة الجليّة لتبقىٰ علىٰ مدى الدهور والعصور .
وذلك في خطبتها المباركة التي دوّت بالحقّ ، وشيّدت حقيقة الإسلام ، وردعت الباطل لجميع الأنام .
وكذلك في خطبتها لنساء المهاجرين والأنصار ..
قالت كلمة الحقّ ، ونطقت بحقيقة الدِّين ، وكشفت عن رسالة سيّد المرسلين ، ودافعت عن حقّ أمير المؤمنين ـ عند إمامٍ جائر ومَن في وراءه سائر ، في حين عزّت كلمة الحقّ ، والتفّ الناس حوله الباطل .
وخطبتها الشريفة في الأُسس الهامّة في الدِّين ، والجديرة بدراستها لجميع المؤمنين ، في سبيل معرفة الإسلام المحمّدي والدِّين الأحمدي(١) . وهي المعجزة الخالدة ، والآية الباهرة ، والحجّة الكاملة التي صَدَعَت بها أمام جميع المسلمين من الأنصار والمهاجرين .
فكانت قمّة الكلام المتّصف بفصاحة النطق ، وبلاغة البيان ، وقوّة الحجّة ، ومتانة الدليل .
بل كانت خطبتها عليهاالسلام البيان الكامل للدِّين ، والدستور الشامل لشريعة سيّد المرسلين ، في المحاور التي ركّزت عليها الصدِّيقة الطاهرة عليهاالسلام من التجليل بساحة ربّ العالمين بصفاته الحُسنىٰ ، والتعريف بنعمة الرحمة الإلهيّة المتمثِّلة في أبيها المصطفى صلىاللهعليهوآله ، والإشادة بمعالي ومواقف وجهاد ابن عمّها المرتضى عليهالسلام ،
__________________________________
(١) الاحتجاج / ج ١ / ص ١٣١ .