فقال له : هكذا ؟
قال : نعم .
فقال له الذمّي : لا جَرم إنّما تبعه مَن تبعه لأفعاله الكريمة .
وأنا اُشهدك أنّي علىٰ دينك ، فرجع الذمّي مع عليّ عليهالسلام ، فلمّا عرفه أسلم(١) .
ومن مكارم أخلاقه عليهالسلام وحُسن سيرته ما جمع من أحاديث أحواله جاء فيها : ـ
كان عليٌّ عليهالسلام يجلس جلسة العبد ، ويأكل أكل العبد ، ويشتري القميصين فيخيّر غلامه خيرهما ، ثمّ يلبس الآخر في أشدّ التواضع .
وُلّي خمس سنين ما وضع آجرةً على آجرة ، ولا أورثَ بيضاء ولا حمراء .
وكان يُطعم الناس خُبزَ البُرّ واللّحم ، وينصرف إلى منزله يأكل خبز الشعير والملح أو الزيت أو الخلّ .
وما ورد أمران كلاهما لله تعالى رضاً إلّا أخذ بأشدّهما على بدنه .
ولقد أعتق ألف مملوك من كدّ يده وعَرَق وجهه ، وتترّب يده من عمله .
وما كان لباسه إلّا الكرابيس التي هي أوضع الملابس .
دخل عليه عمرو بن العاص ليلةً وهو في بيت المال ، فأطفأ السراج ، ولم يستحلّ أن يجلس في ضوء بيت مال المسلمين بغير استحقاق .
واُتي بأحمال فاكهةٍ فأمر ببيعها ، وطرح ثمنها في بيت المال .
وبعث إليه دهقان(٢) بثوبٍ منسوج بالذهب ، فابتاعه منه عمرو بن حريث بأربعة آلاف درهم إلى العطاء .
وجاء إليه من همدان وحلوان عسل ، وتين ، فأمر أن يأتوا باليتامى ، فأمكنهم
__________________________________
(١) البحار / ج ٤١ / ص ٥٣ .
(٢) الدهقان : يطلق على رئيس القرية ـ معرّب دهقان ـ ، ويطلق على التاجر ومن له مال وعقار كما في مجمع البحرين / ص ٤٣٠ .