من رؤوس الأزقاق يلعقونها ، وهو يقسّمها للناس قدحاً قدحاً ، ثمّ ألعقهم هو عليهالسلام بيده المباركة .
فقيل له : يا أمير المؤمنين ما لهم يلعقونها ؟
فقال : إنّ الإمام أبو اليتامى ، وإنّما ألعقتهم هذا برعاية الآباء .
وكان عليهالسلام بنفسه يستقي ، ويحتطب ، وينقّي العدس في البيت ، وفاطمة الزهراء عليهاالسلام تطحن وتعجن وتخبز .
وما اُصيب بمصيبة إلّا صلّى في ذلك اليوم ألف ركعة ، وتصدّق على ستّين مسكيناً ، وصام ثلاثة أيّام .
وكان إذا صلّى الفجر لم يزل معقّباً إلى أن تطلع الشمس ، فإذا طلعت الشمس اجتمع إليه الناس فعلّمهم الفقه والقرآن .
قال عنه صعصعة بن صوحان العبدي وغيره من شيعته وأصحابه : ـ
( كان فينا كأحدنا ، لين جانب ، وشدّة تواضع ، وسهولة قياد . وكنّا نهابه مهابة الأسير المربوط للسيّاف الواقف على رأسه )(١) .
وقال عنه ابن أبي الحديد :
( وأمّا سماحة الأخلاق ، وطلاقة المحيّا والتبسّم فهو المضروب به المثل ) .
وقد شهد عدوّه اللدود معاوية بمكارم أخلاقه ومعالي صفاته التي بيّنها ضرار ابن ضمرة الليثي :
حيث دخل على معاوية فقال له : صِف لي عليّاً .
فقال ضرار : أوَ تعفيني عن ذلك .
__________________________________
(١) هذه هي الهيبة الإلهيّة التي كان يعظم بها عند أولياءه ويخاف منه خصومه ، حتّى ذكروا عنه أنّه كنّا نخوّف الأعداء بمجيء عليّ عليهالسلام .