وألوان ، وغلام آخر عليه طست وإبريق ، حتّى وضع بين يدي وقالا أمرك أن تأكل فأكلت .
فلمّا فرغت أقبل فقمت إليه فأمرني بالجلوس وبالأكل ، فأكلت ، فنظر إلى الغلام فقال : كُل معه ينشط ! حتّى إذا فرغت ورفع الخوان ، وذهب الغلام ليرفع ما وقع من الخوان ، من فتات الطعام ، فقال : مه ومه ما كان في الصحراء فدعه ، ولو فخذ شاة ، وما كان في البيت فالقطه ، ثمّ قال : سل !
قلت : جعلني الله فداك ما تقول في المسك ؟
فقال : إنَّ أبي أمر أن يعمل له مسك في فارة فكتب إليه الفضل يخبره أنّ الناس يعيبون ذلك عليه .
فكتب : يا فضل أما علمت أنّ يوسف كان يلبس ديباجاً مزروراً بالذّهب ويجلس على كراسيّ الذّهب فلم ينتقص من حكمته شيئاً ، وكذلك سليمان ، ثمّ أمر أن يعمل له غالية بأربعة آلاف درهم .
ثمّ قلت : ما لمواليكم في موالاتكم ؟
فقال : إنّ أبا عبد الله عليهالسلام كان عنده غلام يمسك بغلته إذا هو دخل المسجد ، فبينما هو جالس ومعه بغلة إذ أقبلت رفقة من خراسان ، فقال له رجل من الرفقة : هل لك يا غلام أن تسأله أن يجعلني مكانك وأكون له مملوكاً وأجعل لك مالي كلّه ؟ فإنّي كثير المال من جميع الصنوف اذهب فاقبضه ، وأنا اُقيم معه مكانك .
فقال : أسأله ذلك .
فدخل على أبي عبد الله فقال : جُعلت فداك تعرف خدمتي وطول صحبتي فإن ساق الله إليَّ خيراً تمنعينه ؟
قال : اُعطيك من عندي وأمنعك من غيري ، فحكى له قول الرّجل ، فقال : إن زهدت في خدمتنا ورغب الرّجل فينا قبلناه وأرسلناك .