وقيل : إن اليهود كانوا عارفين أنه هو المسيح المبشر به في التوراة أنه ينسخ دينهم فكانوا طاعنين فيه من أول الأمر طالبين قتله (قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) قيل : إنه لما دعا عليهالسلام بني إسرائيل إلى الدين وتمردوا عليه عليهالسلام فر منهم وأخذ يسيح في الأرض فمر بطائفة صيادي السمك ـ منهم شمعون ويعقوب من جملة الحواريين الاثني عشر ـ فقال عيسى عليهالسلام : إنكم تصيدون السمك فهل لكم أن تسيروا بحيث تصيدون الناس لحياة الأبد؟ فطلبوا منه المعجزة وكان شمعون قد رمى شبكته تلك الليلة في الماء فما اصطاد شيئا فأمره عيسى عليهالسلام بإلقاء شبكته في الماء مرة أخرى ، فاجتمع في تلك الشبكة من السمك ما كادت تتمزق ، واستعانوا بأهل سفينة أخرى وملؤا السفينتين فعند ذلك آمنوا بعيسى. وقيل : إن اليهود لما طلبوه في آخر أمره للقتل وكان هو في الهرب منهم قال لأولئك الاثني عشر من الحواريين : أيكم يحب أن يكون رفيقي في الجنة على أن يلقى عليه شبهي فيقتل مكاني؟ فأجابه إلى ذلك بعضهم. ومما يذكره النصارى في إنجيلهم أن اليهود لما أخذوا عيسى ، سل شمعون سيفه فضرب به عبدا كان فيهم لرجل من الأحبار عظيم فرمى بأذنه فقال له عيسى : حسبك ثم أدنى عليهالسلام أذن العبد فردها إلى موضعها فصارت كما كانت. والحاصل أن المراد بطلب النصرة إقدامهم على دفع الشر عنه عليهالسلام. وقيل : إنه دعاهم إلى القتال مع القوم كما قال في موضع آخر (فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ) [الصف : ١٤] ومعنى (إِلَى اللهِ) قيل : من يضيف نصرته إياي إلى نصر الله عزوجل إياي؟ وقيل : من أنصاري إلى أن أظهر دين الله. فالجار على القولين من صلة (أَنْصارِي) مضمنا معنى الإضافة. وقيل : من أنصاري حال ذهابي إلى الله؟ أو حال التجائي إليه؟ وقيل : من أنصاري فيما يكون قربة إلى الله ووسيلة إلى رحمته؟ وفي الحديث أنه صلىاللهعليهوسلم كان يقول إذا ضحى : اللهم منك وإليك أي تقربا إليك. فالجار على هذين القولين يتعلق بالمحذوف. وقيل : «إلى» بمعنى اللام. وقيل : بمعنى «في» أي في سبيل الله. وهذا قول الحسن. (قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ) أعوان دينه ورسوله. وحواري الرجل صفيه وخالصته ومنه يقال للحضريات الحواريات لخلوص ألوانهن ونقاء بشرتهن. والحور نقاء بياض العين ، وحوّرت الثياب بيضتها ، والحواريّ واحد ونظيره الحوالي وهو الكثير الحيلة.
عن سعيد بن جبير : سموا بذلك لبياض ثيابهم. وعن مقاتل بن سليمان لأنهم كانوا قصارين يبيضون الثياب. وقيل : لنقاء قلوبهم وطهارة أخلاقهم ومنه قولهم «فلان نقيّ الجيب طاهر الذيل» للكريم و «دنس الثياب» للئيم. وعن الضحاك : الذي يغسل الثياب