السلام طلحة بن أبي طلحة صاحب لوائهم ، والزبير والمقداد شدا على المشركين ، ثم حمل الرسول صلىاللهعليهوسلم مع أصحابه فهزموا أبا سفيان. ثم إن بعض القوم لما رأوا انهزام الكفار بادر قوم من الرماة الى الغنيمة ، وكان خالد بن الوليد صاحب ميمنة الكفار ، فلما رأى تفرق الرماة حمل على المسلمين فهزمهم وفرق جمعهم ، وكثر القتل في المسلمين ، ورمى عبد الله بن قميئة الحارثي رسول الله صلىاللهعليهوسلم بحجر وكسر رباعيته وشج وجهه وأقبل يريد قتله ، فذب عنه مصعب بن عمير وهو صاحب الراية يوم بدر ويوم أحد حتى قتله ابن قميئة. واحتمل طلحة بن عبيد الله رسول الله ودافع عنه أبوبكر وعلي عليهالسلام. وظن ابن قميئة أنه قتل رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : قد قتلت محمدا ، وصرخ صارخ ألا إن محمدا قد قتل. قيل : وكان الصارخ الشيطان ففشا في الناس خبر قتله صلىاللهعليهوسلم فانكفؤا ، وجعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم يدعو : إليّ عباد الله ، حتى انحازت إليه طائفة من أصحابه فلامهم على هربهم فقالوا : يا رسول الله فديناك بآبائنا وأمهاتنا ، أتانا خبر قتلك فرعبت قلوبنا فنزلت (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ) أي مرسل. قال أبو علي : وقد يكون الرسول في غير هذا الموضع بمعنى الرسالة أي حاله مقصور على الرسالة لا يتخطاها إلى البقاء والدوام (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) فسيخلو كما خلوا. وكما أن أتباعهم بقوا متمسكين بدينهم بعد خلوهم فكونوا أنتم كذلك لأن الغرض من إرسال الرسل التبليغ وإلزام الحجة لا وجودهم بين أممهم أبدا (أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ) الفاء لتسبيب الجملة الشرطية عن الجملة التي قبلها ، والهمزة لإنكار الجزاء لأنه في الحقيقة كأنه دخل عليه. والمعنى : أفتنقلبون على أعقابكم إن مات محمدا أو قتل؟ وسبب الإنكار ما تقدم من الدليلين : أحدهما أن الحاجة الى الرسول هي التبليغ وبعد ذلك لا حاجة إليه ، فلا يلزم من قتله أو موته الإدبار عما كان هو عليه من الدين وما يلزم كالجهاد. وثانيهما القياس على موت سائر الأنبياء وقتلهم ، فإن موسى عليهالسلام مات ولم ترجع أمته عن ذلك الدين. والنصارى زعموا أن عيسى عليهالسلام قتل وهم لم يرجعوا عن دينه وإنما ذكر القتل. وقد علم أنه لا يقتل لكونه مجوّزا عند المخاطبين. وقوله : (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) [المائدة : ٦٧] لو سلم أنه متقدم في النزول فإنه مما كان يختص بمعرفته العلماء منهم على أنه ليس نصا في العصمة عن القتل ، بل يحتمل العصمة من فتنة الناس وإضلالهم. وقوله : (إِنَّكَ مَيِّتٌ) [الزمر : ٣٠] يراد به المفارقة إلى الآخرة بأي طريق كان بدليل (وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) [الزمر : ٣٠] وكثير منهم قد قتلوا. ويمكن أن يقال : صدق القضية الشرطية لا يتوقف على صدق جزأيها لصدق قولنا إن كانت الخمسة زوجا فهي تنقسم بمتساويين مع كذب جزأيها. ومعنى «أو» هو الترديد والتشكيك أي سواء فرض