ولذا لا نعجب من سؤال ابن أبي الحديد حيث يقول : ـ
(سألت النقيب أبا جعفر يحيى بن زيد ، فقلت له : إني لاعجب من علي عليه السلام كيف بقي تلك المدة الطويلة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله؟! وكيف ما اغتيل ، وفتك به في جوف منزله ، مع تلظي الاكباد عليه؟!
فقال : لولا أنه أرغم أنفه بالتراب ، ووضع خده في حضيض الارض لقتل.
ولكنه أخمل نفسه ، واشتغل بالعبادة والصلاة والنظر في القرآن ، وخرج عن ذلك الزي الاول ، وذلك الشعار ونسي السيف ، وصار كالفاتك يتوب ويصير سائحا في الارض ، أو راهبا في الجبال.
ولما أطاع القوم الذين ولوا الامر ، ـ ويصعب علي أن أنقل كلمته ولكن أذكرها لابين مدى الجرأة منهم على الله ورسوله وأوليأه ـ وصار أذل لهم من الحذأ (١) تركوه وسكتوا عنه.
ولم تكن العرب لتقدم عليه إلا بمواطأة من متولي الامر ، وباطن في السر منه.
فلما لم يكن لولاة الامر باعث وداع إلى قتله وقع الامساك عنه.
ولولا ذلك لقتل ، ثم أجل بعد معقل حصين).
وهم كادوا يفعلون ولما ، فها هو يتم حديثه قائلا (فقلت له : أحق ما يقال في حديث خالد؟!
فقال : إن قوما من العلوية يذكرون ذلك.
ثم قال : وقد روي أن رجلا جأ إلى زفر بن الهذيل صاحب أبي حنيفة فسأل
__________________
(١) وقد نقل هذه العبارة مع ضخامة وقعها على السمع والفؤاد والروح والجسد ابن ابي الحديد في شرحه لنهج البلاغة بلا تعليق أو تعقيب مع انه يرد ابسط الكلمات ويوجهها إذا اتت موجهة للخلفاء ، وقد نقلتها لرد اولئك الذين يدعون ان ابن ابى الحديد المعتزلي من الشيعة.
فهذا اوضح دليل وانصعه ، لانه لو كان من شيعته لما نقلها ، وإذا فعل لعلق بما يشفي الغليل ..