وثالثا : إذا كان الامر منه صلى الله عليه وآله ، فكيف خرج ونحاه وأتم الصلاة بنفسه الشريفة على ما اتفق روايته من الجميع ، وما هما إلا عملان ينقض أحدهما الاخر ، وحاشا لرسول الله صلى الله عليه وآله أن يفعل ذلك.
ورابعا : لو ثبت ما قلتم أولا لثبت النسخ أخيرا ، إذ أن تنحيته عن ذلك بمنزلة نسخه لذلك الامر الاول.
وأخيرا نقول : ـ
لو كان أمر إمامة الصلاة صالحا للدلالة على الامامة ، لصلح أمر إمرة الجيش المبعوث ـ إمام الصلاة ـ فيه في الحملة الاخيرة بطريق أولى وأوضح ، فهو تابع لا متبوع ، فإذا تقدم هو تقدم ذاك عليه ، لانه من مجموعته وهو الذي يعين من يتقدم بالصلاة ممن يتأخر.
فكان من نصب أميرا جزما على من نصب لامامة الصلاة فقط أولى بالامامة قطعا ، لانه أحد جنوده بامر صريح منه صلى الله عليه وآله.
وبذا يكون اسامة بن زيد أولى بالامامة من أبي بكر أو أي فرد في حملته ، فبهذا نرى بطلان هذا التقديم.
لانه إما غير واقع أصلا ، أو قد وقع إلا أنه لا يصلح أبدا لانه خاص والامامة أمر عام ، أولا يدل على مزية ، ولو كان ذا مزية فمزية الامر تقتضي التقديم على الجندي ، أو أنه قد نسخ.
وهذا الامر لما فيه لا يناسب أهمية التعيين وعظمته ، فيسقط من الاعتبار.
ولا يدفع كثيرا من مضار عدم التعيين التي سبق وذكرناها خاصة مع وجود قول غيره أوضح منه وأقرب.