وجود نهجين في الشريعة
١ ـ التعبد المحض
٢ ـ الاجتهاد والرأي
وكذا الحال بالنسبة إلى تقديم عبد الرزاق وغيره عليا على غيره ، فهو الآخر لا يعني غلوا أو رفضا ، لأنّ هذا التقديم يدخل في باب الاجتهاد المستنبط من الأدلّة ، ولا يمكن لأحد اتّهام الذّاهب إليه بالرفض أو الغلو ، لأنّ زيادة محبة بعض المؤمنين لم يحرّمها كتاب ولا سنّة ، وخصوصا حينما عرفنا ذهاب جمع من الصحابة والتّابعين إلى ذلك أمثال : أبي ذر الغفاري ، عمار بن ياسر ، المقداد بن الأسود ، سلمان الفارسي ، أبي أيّوب الأنصاري ، خزيمة بن ثابت ذي الشهادتين ، جابر بن عبد الأنصاري ، العبّاس بن عبد المطلب ، الحسن والحسين ، وذهب إلى ذلك أيضا بنو المطلب وبنو هاشم كافّة ، وما لا يحصى من التّابعين كحجر بن عدي وأويس القرني وزيد ابن صوحان وذهب إلى ذلك أيضا صعصعة وجندب الخير وغيرهم.
وعليه فرواية عبد الرزاق وأمثاله أحاديث في فضائل أهل البيت أو مناقب الآخرين لا يعني عدم صحة تلك الأحاديث أو كونها نقلت غلوا أو رفضا كما يدعونه ، وهي الأخرى لا يمكن أن تعد جرحا للرّاوي ، لأنّ دعاة النهج الحاكم استهدفوا رواة فضائل علي ومناقب الآخرين بالنقد والتجريح وإن كانت لتلك الأخبار شواهد ومتابعات صحيحة في صحاحهم.
وخير ما أختم به هذا الاتّهام هو ما قاله الذهبي للعقيلي في الدفاع عن علي ابن عبد اللّٰه بن جعفر المديني ، والحديث طويل ، منه :
«.. ولو تركت حديث علي ، وصاحبه محمد ، وشيخه عبد الرزاق ، وعثمان بن أبي شيبة ، وإبراهيم بن سعد ، وعفّان ، وأبان العطار ، وإسرائيل ، وأزهر السمان ، وبهز بن أسد ، وثابت البناني ، وجرير بن عبد الحميد ، لغلقنا الباب ، وانقطع الخطاب ، ولماتت الآثار ، واستولت الزنادقة ، ولخرج الدّجال ، أفما لك عقل يا عقيلي ، أتدري فيمن تتكلّم ، وإنّما تبعناك في ذكر هذا النمط لنذب عنهم ولنزيف ما قيل فيهم ، كأنّك لا تدري أنّ كلّ واحد من هؤلاء أوثق