التابعين في علم المناسك (١)».
وأمّا ما رواه عمر بن قيس المكي عن عطاء ، فهو مجمل وادّعاء محض أيضا.
وممّا يؤيد سقم هذه الادّعاءات على عكرمة هو ثبوت المسح على القدمين عنده ، في حين أنّ المشهور عن الخوارج أنّهم يغسلون الأقدام.
ومثله الحال بالنسبة إلى الحكّام ، فالثابت عند الخوارج أنّهم يخرجون بالسيف عليهم (٢) ، فلو كان عكرمة خارجيّا فلم لا يشهر السيف بوجوههم ، بل نراه يقبل جوائز السلطان وصلاته؟!! هذا ، وقد برّأه من هذه التهمة بعض علماء هذا الفن :
فقال ابن حجر : لم يثبت عنه من وجه قاطع أنّه كان يرى ذلك (٣).
وقال العجلي : عكرمة مولى ابن عباس رضي اللّٰه عنهما مكّي ، تابعيّ ، ثقة ، بريء ممّا يرميه الناس به من الحروريّة (٤). وقال ابن حجر : وقد برّأه الإمام أحمد (٥).
الثالث : أنّه يقبل جوائز الحكّام والأمراء
أوضحنا لك قبل قليل أنّ قبول جوائز الحكام ينافي المبدإ الذي قام عليه مذهب الخوارج ، وحسب قول ابن حجر أنّه لا يعني قدحا في الراوي ولا روايته ، فقال :«وأمّا قبوله لجوائز الأمراء فليس ذلك بمانع من قبول روايته ، وهذا الزهري قد كان في ذلك أشهر من عكرمة ، ومع ذلك فلم يترك أحد الرواية عنه بسبب ذلك» (٦).
وقال ابن حجر في موضع آخر أيضا : وأمّا قبول الجوائز فلا يقدح أيضا إلّا عند أهل التشديد ، وجمهور أهل العلم على الجواز كما صنف في ذلك ابن عبد البر (٧).
__________________
(١) مقدمة فتح الباري : ٤٢٩.
(٢) انظر قاموس الرجال ، للتستري ٧ : ٢٣٧.
(٣) مقدمة فتح الباري : ٤٢٤ ، ٤٢٨.
(٤) انظر ثقات العجلي كما في مقدمة الفتح : ٤٢٧ وتهذيب الكمال ٢٠ : ٢٨٩.
(٥) مقدمة فتح الباري : ٤٢٧.
(٦) مقدمة فتح الباري : ٤٢٧.
(٧) مقدمة فتح الباري : ٤٢٤.