فرواية ثلاثة أعلام كهؤلاء عنه بمتون متّفقة بلا زيادة فيها ولا نقيصة لقرينة قويّة على صدور قول ابن عبّاس المتقدّم للربيع.
٢ ـ ظاهر كلام الترمذي هو الاحتجاج بما يرويه عبد اللّٰه بن محمد بن عقيل ، لو اتفقت مروياته مع مرويات الثقات ، لأنّه كان قد صدّر باب «ما جاء في مسح الرأس مرّة» بما رواه محمد بن عجلان ـ الضعيف ـ عن عبد اللّٰه بن عقيل عن الربيع ، وقال بعد ذلك : والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم ، ومعنى كلامه هو احتجاجه بمرويّات الضعفاء لو وافقت ما رواه الثقات ، أي أنّ هذه الروايات تكون حسنة بغيرها. فإذا كانت رواية ابن عجلان عن عبد اللّٰه بن عقيل معتبرة ـ بنص الترمذي ـ مع أنّ فيها ابن عجلان الضعيف ، فهذه الرواية أولى بالعمل من تلك ، لكون الجرح هنا في عبد اللّٰه وحده.
٣ ـ إن الّذي رواه عبد اللّٰه بن محمد بن عقيل في هذه الأسانيد عن ابن عبّاس هو الأقرب للواقع ، لموافقته للروايات الصحيحة المسحيّة عن ابن عبّاس ، ولأقوال العلماء الجازمة بأنّ مذهب ابن عبّاس هو المسح على القدمين لا غير.
وملخص القول : إنّ هذه الأسانيد ممّا يتابع عليها بما تقدّم من الصحيح عن ابن عبّاس ، والمشهور من مذهبه ، وعليه فلا مانع من أن ترتقي هذه الأسانيد إلى درجة الصحّة فيمكن الاحتجاج بها ، وخصوصا لو لوحظت مع النصوص الأخرى الموجودة في كتب التفاسير :
قال الطبري : حدثنا أبو كريب ، قال : حدّثنا محمد بن قيس الخراساني ، عن ابن جريح ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس ، قال : الوضوء غسلتان ، وقال السيوطي : وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد ، عن ابن عبّاس ، قال : افترض اللّٰه غسلتين ومسحتين ، ألا ترى أنّه ذكر التيمّم ، فجعل مكان الغسلتين مسحتين وترك المسحتين ، وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة مثله (١).
وقال ابن أبي حاتم : حدّثنا أبي ، حدّثنا أبو معمر المنقري ، حدّثنا عبد الوهّاب ،
__________________
(١) الدرّ المنثور ٢ : ٢٦٢.