الثانية : وحدة النص المسحي عن ابن عبّاس وهو (الوضوء غسلتان ومسحتان) وبخلاف النصوص الغسليّة فهي مختلفة النص والمعنى ، فإن اتحاد النص المنقول بطرق متعددة كالمشاهد في الإسناد الأول المسحي عن ابن عباس ، ورواة ثلاثة من اعلام التابعين عنه ، كمعمر بن راشد ـ كما في اسناد مصنف عبد الرزاق ، ـ وروح بن القاسم ـ كما في إسناد ابن ماجة وابن أبي شيبة ، ـ وسفيان بن عيينة ـ كما في إسناد الحميدي والبيهقي ، لقرينة على صدور المسح عن ابن عبّاس لا محالة.
الثالثة : وجود قرائن كثيرة دالة على كون الغسل قد شرّع لاحقا لقول ابن عبّاس (أبي الناس إلّا الغسل ولا أجد في كتاب اللّٰه إلّا المسح) واعتراضه على الربيع بنت المعوذ ..
الرابعة : إن في كلام ابن عبّاس إشارة إلى حقائق كثيرة ، منها دلالة القرآن على المسح لقوله : (لا أجد في كتاب اللّٰه إلّا المسح) ، وثانيا دلالة السنة عليه كذلك لاعتراضه على الربيع بنت المعوذ لما سمع حكايتها عن رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله في الغسل ، وثالثا : استفادة ابن عبّاس من قاعدة الإلزام لإقناع من يعتقد بصحة استدلال هكذا أمور في التشريع ، لقوله لهم في خبر آخر (ألا ترى أنّه ذكر التيمم فجعل مكان الغسلتين مسحتين وترك المسحتين).
ومجيء هذه النصوص عنه تشير إلى أنّ ابن عبّاس كان يرى الغسل ظاهرة حكومية عمل بها الناس لاحقا وليس في القرآن والسنة النبوية ما يدل عليه.
الخامسة : إنّ المحفوظ عن ابن عبّاس في كتب الحديث والتفسير والفقه هو المسح ، وأما حكاية الغسل عنه فمختلف فيه ، وإن اعتبرنا صحّتها ـ تنزلا ـ فستكون شاذة بالنسبة إلى المحفوظ عنه من ذهابه إلى المسح.
السادسة : إنّ النصوص التي جاءت عن ابن عبّاس وابن عقيل وعليّ ابن أبي طالب وعلي بن الحسين ومحمّد بن علي الباقر وجعفر بن محمّد الصادق لتؤكّد على أن مذهب الطالبيين كان المسح ، وقد أكدنا على أنّ علي بن الحسين لما أرسل عبد اللّٰه بن محمّد بن عقيل إلى الربيع كي يسألها عن وضوء رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله كان يعني بفعله الاستنكار لا الاستفهام.
فظاهرة الاستنكار على الوضوء الغسلي كانت ظاهرة في العصر الأوّل