قال ابن عباس : ليس هكذا إذا توضأت فأنت طاهر ما لم تحدث (١).
وروي أيضا عن ابن جريح أنّه سئل عطاء : الوضوء لكل صلاة؟
قال عطاء : لا.
قلت : فإنه يقول (إذا قمتم ..)
قال عطاء : حسبك الوضوء الأول ، لو توضأت للصبح لصليت الصلاة كلها به ما لم أحدث.
قلت : فيستحب أن أتوضأ لكل صلاة؟
قال : لا (٢).
فهذه النصوص تؤكّد وجود فكرة خاطئة يحملها بعض المسلمين ، وهي الذهاب إلى لزوم الوضوء لكل صلاة أو القول باستحباب ذلك ومحبوبيته ، وهذا القول يدعوهم أن يجعلوا للوضوء عنوانين :
أحدهما : التوضؤ بسبب الحدث الناقض للطهارة ، وثانيهما : التوضؤ على الطهارة ومن غير حدث باعتباره سنة!! فأبو موسى الأشعري وضّح سقم هذه الفكرة وأن التركيز على شيء اسمه وضوء من لم يحدث بهذا الشكل أمر لا علاقة له بالشريعة ، ويزيد الأمر وضوحا لو تأملنا في ذيل كلام أبي موسى «أو شك العلم أن يذهب ويظهر الجهل حتى يضرب الرجل امه بالسيف من الجهل» فلما ذا قال لهم هذا؟! ألأنّ أبا موسى ينهاهم عن شيء مشروع؟ وهذا غير معقول لكونه صحابي كبير! بل لما ذا؟! التفشي الجهل بينهم؟ فعدم ردّ واحد منهم عليه ليكشف عن قبولهم بخطئهم.
بل أن جسامة القضية هي التي دعت أبي موسى أن يقول مقولته لانه فشا فيهم الجهل إلى حد يؤدي بهم إلى أن يضرب أحدهم امه بالسيف! ومثله الحال بالنسبة لابن عباس ووصفه لوضوء عبيد بن عمير : بأنه من صنع الشيطان ، فلا يعقل
__________________
(١) مصنف عبد الرزاق ١ : ٥٧ ح ١٦٧.
(٢) مصنف عبد الرزاق ١ : ٥٧ ح ١٦٥.