سمعت رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله يقول : ويل للأعقاب من النار) وتعليل الحجّاج بأنّه أقرب للخبث.
فالرواية تدل على أنّ رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله أراد بقوله الإشارة إلى تحقق الإسباغ في الأعضاء المغسولة والممسوحة سواء بمرّة أو مرتين ، إذ الإسباغ ليس ناظرا إلى التعدّد ، بل هو يتحقق في كيفية الغسل والمسح ، فربّ غسلة واحدة مسبغة ، ورب ثلاث أو أربع غسلات غير مسبغات ، وكذلك المسحات ، ويؤكد ذلك أنّ الرواية مع ذكرها للمسح وعدم ذكرها لتكرار الغسل ، ذكرت إسباغ الوضوء ، إذ لا ملازمة ولا ربط بين الإسباغ والتعدّد كما لا يخفى ، فلا وجه لتعميمه إلى الثلاث والاستفادة منه في إيجاب غسل الأرجل.
وأمّا قوله صلىاللهعليهوآله : «لا تتمّ صلاة لأحد» فإنّه صلىاللهعليهوآله أراد منها التأكيد على لزوم التعبّد بما أمر به اللّٰه ، لا استخدام الرأي والاستحسان للإكثار من الماء والإسراف فيه ، وبما أنّ حكم الرأس والرجلين كان المسح ، فلا بد من الالتزام بأوامر النبيّ صلىاللهعليهوآله وعدم إبدالها تبرّعا بالغسل.
الثالث : إنّ ما رواه أوس بن أبي أوس من أنّه رأى النبيّ صلىاللهعليهوآله أتى كظامة قوم بالطائف فبال .. ثمّ توضّأ ومسح على قدميه ، يؤكّد على عدم وجود حكم وضوء من لم يحدث ، لأنّه قال : (بال ، ومسح على قدميه) ، وفي هذا دلالة على أنّ المسح حكم لمن أحدث لا لمن لم يحدث! وأمّا ما ادّعاه هشيم في آخر الخبر بقوله : كان هذا في أوّل الإسلام ، يعني بكلامه أنه نسخ لاحقا ، فهو كلام مردود ، وادعاء محض سنجيب عنه في آخر هذا القسم وندلّل على عدم وقوع النسخ.
والحاصل : فإن هذه الرواية دليل آخر على نفي وجود حكم الغسل لمن أحدث ، واختصاص المسح بغير المحدث ، بل هي صريحة في أنّ المسح هو حكم ابتدائي لمن أحدث.