لا يقصرون.
قلت : يا جبرئيل ، فبم يسلم من سلم منهم؟
قال : بالكف والصبر ، إن أعطوا الذي لهم أخذوه ، وإن منعوه تركوه (١).
تحذير عليّ بن أبي طالب الناس من الفتنة
وقال لما بويع في المدينة : ذمّتي بما أقول رهينة ، (وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ) ، إنّ من صرحت له العبر عمّا بين يديه من المثلات ، حجزته التقوى عن تقحّم الشبهات ، ألا وإنّ بليّتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث اللّٰه نبيه صلىاللهعليهوآله ، والذي بعثه بالحقّ لتبلبلنّ بلبلة ، ولتغربلنّ غربلة ، ولتساطن (٢) سوط القدر ، حتى يعود أسفلكم أعلاكم ، وأعلاكم أسفلكم ، وليسبقنّ سابقون كانوا قصّروا ، وليقصّرنّ سبّاقون كانوا سبقوا ، واللّٰه ما كتمت وشمة (٣) ، ولا كذبت كذبة ، ولقد نبئت بهذا المقام وهذا اليوم ، ألا وإنّ الخطايا خيل شمس (٤) حمل عليها أهلها ، وخلعت لجمها (٥) فتقحمت (٦) بهم في النار ، ألا وإنّ التقوى مطايا ذلل (٧) ، حمل عليها أهلها ، وأعطوا أزمّتها ، فأوردتهم الجنة. حق وباطل ، ولكلّ أهل ، فلئن أمر الباطل لقديما فعل ، ولئن قلّ الحق فلربّما ولعلّ ، ولقلّ ما أدبر شيء فأقبل! (٨).
موقف قريش مع الرسول والرسالة
نعم ، إنّ قريشا أرادت قتل الرسول واجتياح أصل الإسلام ، بعكس بني هاشم
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ١٥٥ عن الترمذي.
(٢) لتساطن : من السوط ، وهو أن تجعل شيئين في الإناء وتضربهما بيديك حتى يختلطا فينقلب أعلاها أسفلها ، وهو حكاية عما يئولون إليه من الاختلاف وفساد النظام.
(٣) الوشمة : الكلمة.
(٤) الشمس : جمع شموس وهي من شمس كنصر : أي منع ظهره أن يركب.
(٥) جمع لجام ، وهو عنان الدابة التي تلجم به.
(٦) تقحمت به في النار : أي أردته فيها.
(٧) الذلل : جمع ذلول ، وهي المروضة الطائعة.
(٨) نهج البلاغة تحقيق صبحي الصالح : ٥٧.