الذين دافعوا عنه وجادوا بأنفسهم لحماية دينه.
فقريش ـ مع أنّ رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله كان يقي أصحابه بأهل بيته ـ كانوا ينقلون عنه عكس ذلك ، والمطالع في كتب الإمام علي لمعاوية يقف على حقائق كثيرة في تاريخ الإسلام واختلاف المسلمين ، وإليك هذا المقطع من أحد كتبه عليهالسلام لمعاوية وفيه : ..
فأراد قومنا قتل نبيّنا ، واجتياح أصلنا ، وهمّوا بنا الهموم ، وفعلوا بنا الأفاعيل ، ومنعونا العذب ، وأحلّونا الخوف ، واضطرونا إلى جبل وعر ، وأوقدوا لنا نار الحرب ، فعزم اللّٰه لنا على الذبّ عن حوزته ، والرمي من وراء حرمته ، مؤمننا يبغي بذلك الأجر ، وكافرنا يحامي عن الأصل ، ومن أسلم من قريش خلو مما نحن فيه بحلف يمنعه أو عشيرة تقوم دونه ، فهو من القتل بمكان آمن (١) ، وكان رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله إذا احمرّ البأس ، وأحجم الناس ، قدّم أهل بيته فوقى بهم أصحابه حرّ الأسنّة والسيوف ، فقتل عبيدة بن الحارث [وهو ابن عم رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله] يوم بدر ، وقتل حمزة يوم أحد ، وقتل جعفر يوم مؤتة ، وأراد من لو شئت ذكرت اسمه مثل الذي أرادوا من الشهادة ، ولكنّ آجالهم عجّلت ومنيّته أجّلت ، فيا عجبا للدهر ، إذ صرت يقرن بي من لم يسع بقدمي ، ولم تكن له كسابقتي التي لا يدلي أحد بمثلها إلّا أن يدّعي مدّع ما لا أعرفه ولا أظنّ اللّٰه يعرفه (٢).
ثمّ كشف عليهالسلام في خطبة أخرى سرّ مخالفة قريش لهم وأنه يرجع إلى تفضيل اللّٰه لأهل البيت دونهم ، فقال : مالي ولقريش! واللّٰه لقد قاتلتهم كافرين ولأقاتلنهم مفتونين ، وإنّي لصاحبهم بالأمس ، كما أنا صاحبهم اليوم! واللّٰه ما تنقم منّا قريش إلّا أنّ اللّٰه اختارنا عليهم فأدخلناهم في حيزنا (٣).
وفي كلام له عليهالسلام بعد أن وعظهم وحذّرهم من الشيطان ، ودعاهم للاعتبار بالأمم السالفة ، وذكرهم النعمة برسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله ثمّ قال : (ألا وإنكم قد نفضتم أيديكم من حبل الطاعة ، وثلمتم حصن اللّٰه المضروب عليكم ، بأحكام الجاهلية ، فإنّ اللّٰه سبحانه
__________________
(١) علق محقق النهج بقوله : كان المسلمون من غير آل البيت آمنين على أنفسهم ، إمّا بتحالفهم مع بعض القبائل أو بالاستناد إلى عشائرهم.
(٢) نهج البلاغة : ٣٦٨ / ٩.
(٣) نهج البلاغة : ٧٧ / ضمن ط ٣٣.