مرّتين.
فلو صح هذا نتساءل : لما ذا اختصّ عبد اللّٰه بن زيد بهذا النقل عنه دون الصحابة؟
ولو كان الاستيعاب من شروط الغسل لا المسح! فلم مسح رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله رأسه مقبلا ومدبرا؟
ألم يكن الغسل هو تطهير العضو بالماء وازالة الوسخ عنه والمسح هو إمرار يده عليه فقط؟
ولو صحّ هذا الخبر عنه صلىاللهعليهوآله ، فلم لا نرى الأعلام يعملون به كأبي حنيفة القائل بجواز مسح الرأس بثلاث أصابع ، والثوري بإجزاء مسح بعض الرأس ولو شعرة واحدة ، وحد أصحاب الشافعي بشعرتين وبإصبع وببعض إصبع ، وقال الأوزاعي والليث بإجزاء مسح مقدم الرأس فقط ومسح بعضه كذلك ، ومثله قول داود : يجزي من ذلك ما وقع عليه اسم مسح ، وكذلك بما مسح إصبع أو أقل (١).
فلو كان هذا مذهب الأعلام ، فعلام حملوا خبر الاستيعاب للرأس مقبلا ومدبرا عن رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله؟! وعلى أيّ شيء يدلّ ذاك؟! ولو صحّ ما جاء عن عبد اللّٰه بن زيد بن عاصم في الأخبار السابقة ، فكيف يمكن تطابقه مع ما نقله عباد بن تميم عن عمّه عبد اللّٰه بن زيد ، أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله ، أتي بثلثي مدّ ماء فتوضأ ، فجعل يدلك ذراعيه (٢).
فلو صح ما قاله محقّق صحيح ابن حبان من أن إسناده صحيح ، وصحّ ما جاء عن رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله من أنه كان يتوضأ بالمدّ ويغتسل بالصاع ، فكيف يمكن تطابق تلك النقول مع ما يحكيه عمرو بن يحيى ، عن أبيه ، عن عبد اللّٰه بن زيد بن عاصم!! وبهذا فقد عرفت أنّ أخبار عبد اللّٰه بن زيد بن عاصم مضطربة في نفسها ومع غيرها ، ومخالفة لروايات الآخرين من الصحابة ، ومجملة الدلالة على المقصود ، ومعارضة لأخبار مسحية أخرى جاءت عنه ، ومخالفة لصريح القرآن المجيد حسب ما ستعرف لاحقا إن شاء اللّٰه تعالى.
__________________
(١) انظر المحلى ٢ : ٥٢.
(٢) صحيح ابن حبان بترتيب ابن بليان ٣ : ٣٦٤.