أحاديث : فغسل يديه مرتين ، ووجهه ثلاثا ، ومسح برأسه مرتين».
قال أبي : سمعته من سفيان ثلاث مرّات يقول : «غسل رجليه مرتين» وقال مرة : «مسح برأسه مرة» ، وقال مرتين : «مسح برأسه مرّتين» (١).
فالثابت عند سفيان هو صدور حكاية الوضوء النبوي عن عبد اللّٰه بن زيد ، وهذا ما لا كلام فيه ، لكنّ النص أعلاه ينبئنا عن حصول الارتباك وعدم الوحدة في النقل عند عمرو بن يحيى : فتارة يذكر غسل وجهه ثلاثا ، وتارة لا يذكره ، وتارة ينقل غسل يديه مرتين ، وأخرى لا ينقله ، وينقل المسح بالرأي مرّتين تارة ، وينقل المسح مرتين تارتين أخريين ، ومرّة أخرى المسح بالرأس مرّة ، ويخلو السمع الأوّل عن غسل الرجلين في حين ينقل السماع الثاني غسلهما مرتين.
وهكذا يقع الاختلاف والنقص والتفاوت الفاحش بين النقلين ، ولا مجال لافتراض هذا الاختلاف عن سفيان ، ولا يحيى بن سعيد ، فينحصر إلقاء العهدة على عمرو بن يحيى ، وذلك ما أثبتناه ، وقد قلنا بأنّ جرح ابن معين له وطعن ابن المديني فيه وتضعيف الدار قطني له كان مفسرا وانه بسبب قلة ضبطه ، وهذا الذي ذكرناه ـ فيما تقدم من الاضطراب السندي والمتني ـ جار في روايات الغسل حسب ، فإذا أضفت إلى ذلك معارضتها بروايات المسح ، الخالية عن كلّ هذا ، تبين بوضوح أرجحيّة الوضوء الثنائي المسحي عن عبد اللّٰه بن زيد بن عاصم ، واتضح مرجوحية ما نسب إليه من الوضوء الثلاثي الغسلي.
__________________
(١) الفتح الرباني بترتيب مسند احمد ٢ : ٣٦.