الثاني : إنّ الخطأ في القراءة لقوي جدا فيه ، لأنّه كان ينعس وينتبه وهو في حال الأداء ، فالأخذ عن شخص كهذا مشكل جدا.
الثالث : إنّ جريرا لم يكن بالذكي في الحديث ، فكان ممّن يختلط عليه حديث شيخ بشيخ آخر فيضيع عليه الواقع ، وقد قدمنا إليك أنه اختلط عليه حديث أشعث وعاصم الأحول حتى ميز بهز بن أسد له ذلك.
الرابع : إنّ كتبه قد تلفت ، فكان يحدث من نسخ ما على الأمانة ، مع أنّه لا يدري هل أنّها مطابقة للواقع أم لا؟ ، والذي دفعه للرواية منها هو الأمانة لا غير حتى مع كونه غير متثبت بما يؤدي.
وأمّا توثيقات البعض له فهي لا تعارض هذه الأقوال فيه ، لأنّهم لا يعنون من توثيقهم له سوى أنّه ثقة في نفسه ، صادق غير كاذب ، وهذا كما لا يخفى يجامع كونه ليس ذكيا ، وأنّه مخلطا وغير ذلك.
والحاصل : فإنّ الاحتجاج بجرير مشكل جدا ، خاصة لو لاحظنا أنّ بعض الأقوال فيه هي من الجروح التي يمكن عدّها مفسرة ، وعليه فيكون حديثه مما يتأمّل فيه.
وأمّا منصور بن المعتمر فهو ثقة على ما هو صريح أبي حاتم (١) والعجلي (٢) وابن حجر (٣) والذهبي (٤) ، وقد أشاد الرجاليون بحفظه وإتقانه وتظلعه في هذه الصناعة فراجع.
وأمّا هلال بن يساف فقد وثقه يحيى بن معين بقوله : ثقة (٥). وقال العجلي : كوفي تابعي ثقة (٦).
__________________
(١) الجرح والتعديل ٨ : الترجمة ٧٧٨.
(٢) الثقات ، للعجلي : ٤٤٠ الترجمة ١٦٣٩ وفيه : ثقة ثبت في الحديث ، وكان أثبت أهل الكوفة.
(٣) تقريب التهذيب ٢ : ٢٧٧ وفيه : ثقة ثبت وكان لا يدلس.
(٤) سير أعلام النبلاء ٥ : ٤٠٢ وفيه : الحافظ الثبت القدوة ، وقال أيضا : كان من أوعية العلم ، صاحب إتقان وتأله وخبر.
(٥) تهذيب الكمال ٣٠ : ٣٥٤.
(٦) الثقات ، للعجلي : ٤٦٠.