ولم يقولوا في يحيى بن سعيد القطان أنّه أذى نفسه بكلامه في الإمام الصادق!! ولم نرى يحيى بن معين ـ وهو إمام الجرح والتعديل ـ يقول في حريز بن عثمان والجوزجاني ـ وهم من النواصب ـ ما قاله في جارح أحمد بن حنبل : «ما أحوجه إلى أن يضرب ، وشتمه (١)»!! بل نراه يلين الشافعي لأمور واهية (٢) ، بل أنه لين بعضا لعدم روايته في فضائل معاوية وجرح آخر لروايته في فضائل علي؟!! وغيرها من النصوص الدالة على تخالف النهجين في الرجال كذلك! فقد نقل عن ابن معين أنّه سمع الإمام أبي الأزهر ـ الذي قال فيه الذهبي ـ : ثقة بلاد تردد ، يحدث عن عبد الرزاق الصنعاني حديثا في علي.
قال : من هذا الكذاب النيسابوري الذي حدّث بهذا عن عبد الرزاق؟ فقام أبو الأزهر ، فقال : هو ذا أنا ، فتبسم يحيى بن معين وقال : امّا أنك لست بكذاب ، وتعجب من سلامته ، وقال : الذنب لغيرك فيه (٣) يا ترى لما ذا صنع يحيى بن معين هكذا؟
نعم ، أنهم تكلموا في أحمد بن الأزهر النيسابوري لروايته عن عبد الرزاق عن معمر حديثا في فضائل علي ـ وحسب ادعاء بعضهم ـ يشهد القلب بأنه باطل ، والحديث ـ المعهود هو ـ عن معمر عن الزهري عن عبد اللّٰه بن عباس قال : نظر النبي إلى علي ، فقال : أنت سيد في الدنيا ، سيد في الآخرة ، حبيبك حبيبي ، وحبيبي حبيب اللّٰه ، وعدوك عدوي ، وعدوي عدو اللّٰه ، فالويل لمن أبغضك (٤) فقد تكلموا في عبد الرزاق لروايته هذا الحديث الذي له شواهد ومتابعات كثيرة عليه.
فبما يمكننا أن نفسر هذه الظاهرة عند الرجاليين لو لم يصح ما قلناه.
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ١٢ : ٧٩ ـ ٨٢ ، وكذا في ميزان الاعتدال.
(٢) انظر هامش تهذيب الكمال ٢٤ : ٣٨٠.
(٣) سير أعلام النبلاء ١٢ : ٣٦٦ ، تهذيب الكمال ١ : ٢٦٠.
(٤) المستدرك للحاكم ٣ : ١٢٨ ، مجمع الزوائد ٩ : ١٣٣ ، تهذيب التهذيب ١ : ١١ ـ ١٣ ، تاريخ بغداد ٤ : ٤١.