والمخالفة مع من يخالفه كما مر عليك في اعتراض مروان بن الحكم وعمرو بن عثمان على معاوية حين صلى بمنى ركعتين (١) ، ومثله قول الحجاج للشعبي : مرّ القاضي فليمضها على ما أمضاها عليه أمير المؤمنين عثمان (٢) وأخيرا دعوة الحجاج الناس إلى غسل الأرجل بدعوى أنها أقرب إلى الخبث ، فلا يستبعد ـ بعد هذا ـ أن ينسبوا إليها هذا الأمر دعما لموقفهم.
الثالثة : استفادة النهج الحاكم أمويين وعباسيين (٣) من هذا الوضوء للتعرف على الطالبيين.
الرابعة : نسبة النهج الحاكم ما يريدونه إلى أعيان الصحابة ، فقد يكون أنّهم أرادوا بهذه النسبة إلى عائشة تقوية الوضوء العثماني.
الخامسة : عدم وجود نص يشير إلى تبنّي عائشة للوضوء الغسلي قبل وفاة سعد بن أبي وقاص؟ وهو يوحي إلى عدم ثبوت ذلك عنها في الصدر الأول.
السادسة : إنّ نسبة الأقوال إلى أعيان الصحابة كان من المنهج المرسوم ، وقد وقفت سابقا على نسبة المسح على الخفّين وغيره إلى عائشة (٤) في حين أنّ المعروف عنها هو غير ذلك ، فقد يكون الوضوء الغسلي من تلك الموارد.
السابعة : عدم وجود وضوء بياني عن الشيخين بل وجود المسح عن عمر بن الخطاب وابنه عبد اللّٰه ، وكذا عن محمد بن أبي بكر وعبد الرحمن بن أبي بكر ـ والذي انتزعناه من مفهوم خبر مسلم ـ وهذا يشير إلى استقرارهم على الوضوء وأنّ الخلاف نشأ لاحقا لملابسات ذكرناها ، فقد تكون عائشة لم تقل بهذا الوضوء ، وأنّ الأمويين نسبوا لها ذلك ، وقد يكونوا اقنعوها بأنّ قوله صلىاللهعليهوآله : «ويل للأعقاب» لها الدلالة على الغسل.
وعلى ذلك : فالخبر الغسلي عن عائشة أمّا صحيح وإمّا خطأ ، فلو كان صحيحا وثابتا عنها فتلك ملابساته ، وإن لم يصح فهذه وجوهه؟!
__________________
(١) مسند أحمد ٤ : ٩٤ ، فتح الباري ٢ : ٤٥٧ ، نيل الأوطار ٣ : ٢٥٩.
(٢) حلية الأولياء ٤ : ٣٢٥.
(٣) كما مر عليك في خبر علي بن يقطين وغيره.
(٤) في نسبة الخبر إلى ابن عباس.