وكانت رحلة العلماء وطلبة العلم مألوفة لأغراض علميّة واضحة ، أو لأسباب أخرى تذكر في تراجم الأدباء أو تغفل.
وعلّل الدكتور محمد بن شريفة سبب إغفال ترجمة ابن خمير الأموي في مقالته عنه في مجلّة دار الحديث الحسنيّة ، العدد العاشر ، فقال : إن مؤلف الكتاب هذا كان ذا مزاج حارّ ولسان حادّ ، وقلم سيّال في انتقاد بعض معاصريه ، وأنّه ـ كما يستظهر ويتوقّع ـ وقعت له خصومات معهم ، وأنّه لا يستبعد أن يكون هذا سببا في خمول ذكره.
وهذا اجتهاد من الصّديق الكريم ووجهة نظر ، وإن كان المألوف أن تتوجّه الأنظار إلى أصحاب هذه الأوصاف والمواقف ، ولا ننسى كما يظهر من مجريات الكتاب ومن مواقف المؤلف في كتبه الأخرى أنه كان يقرّع نفرا من الجهلة بالأخبار والتواريخ ، القصاصين وأشباه الرّواة ، وليس لهؤلاء منزلة عند المؤرخين وأصحاب التراجم في حكم المعتاد والمألوف المعروف.
وقلّة المعلومات والأخبار عن مؤلف هذا الكتاب ، ابن خمير السبتي حجبت عنّا أسماء شيوخه الذين أخذ عنهم ، وقد اجتهد الدكتور بن شريفة أن يكون المؤلف أخذ عن أبي محمّد عبد الله بن عبيد الله الحجري السبتي المتوفى سنة (٥٩١ ه) الذي كان شيخ سبتة ، بل شيخ المغرب والأندلس في وقته (١).
على أن ابن خمير ذكر في شيوخ أبي عبد الله محمد بن عبد الله الأزدي السبتي (٥٦٧ ـ ٦٦٠ ه) كما نصّ ابن عبد الملك المراكشي في الذيل والتكملة ٨ / ٣٠٤.
وكان هذا القاضي الفقيه من تلاميذ الحجري أيضا ، ولعل هذا يجعل ابن خمير والحجري في طبقة واحدة.
__________________
(١) ابن خمير السبتي ١٦.