يوسف أكله الذّئب : (بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ) [يوسف : ١٢ / ١٨] وهذا هو فحوى التّكذيب؟!.
فهذه خمس كبائر ، أربعة منها فعلوها على القطع والخامسة الّتي هي بيع الحرّ مختلف فيها فإنّ الله تعالى يقول : (شَرَوْهُ) [يوسف : ٢٢ / ٢٠] فيحتمل أن تعود الهاء عليهم أو على السّيارة ، وهو الأظهر.
وأما الصّغائر فخمس عشرة على أنّ كلّ ذنب عصي الله تعالى به فهو كبيرة. لكن يتأكّد الوعيد على بعضها بما ورد من الظّواهر فيتصوّر فيها الصّغر والكبر ، كما تقدّم.
فمن قال إنّهم كانوا أنبياء عند ما واقعوا هذه الكبائر فيلزم أن يجوّز وقوعها على من سواهم من الأنبياء عليهمالسلام لتساويهم فيما يجب لهم من العصمة كما سبق ، والجائز كالواقع ، مع خرق الإجماع الواجب الاتّباع في عصمتهم من الكبائر ، والعياذ بالله من شؤم الجهل وأهله!.
فإن قيل : ولعلّ هذه الأفعال كانت في شريعتهم غير كبائر ، قلنا : إنما وقع الإجماع على أن كبائر شريعتنا لا تجوز عليهم.
والخمسة التي أخبر تعالى عنهم بها كبائر في شريعتنا ، وأمّا شرائعهم فما نعلم كبائرها من صغائرها ، ولا كلّفنا ذلك.
فصل
ثمّ يطلب هذا الغمر البليد (١) بثبوت نبوّتهم من أين علمها؟ إنّ النّبوة لا تثبت بالعقول ولا بخبر الواحد الذي لا يحصل به العلم ، ولا يثبت أيضا بقرينة الحال ولا تحميل الأعمال كما زعمت المعتزلة وغلاة الباطنية القائلين باكتساب النّبوة. فإنّ غير
__________________
(١) الغمر : الذي لم يجرّب الأمور.