واجتهد فيمن تأخذ عنه دينك ، وجنّب الجهّال مرّة ، وجنّب وعّاظنا ومريدينا في هذا الزمان المنكوب المنكوس ألف ألف مرة! فإنهم أضرّ على دينك من الأفاعي الصّفر (١) ، لا سيما في هذا العويلم (٢) المتهافت الدّعيّ في الإرادة بالنوافج (٣) ومغالطة البله الأغمار (٤) من النّساء وفحول النّساء فإنّهم انتهكوا حرمة الأنبياء عليهمالسلام ، حتى تشبّهوا بهم وربّما أربوا (٥) عليهم بادّعاء الإلهيّة بالفيض والإشراق (٦) الّذي ادّعته القرامطة حتى يلقى أحدهم امرأة أو غلاما فيقول له : «رأيت الله فيك»! إلى غير ذلك من أمور هي أشنع وأبشع من أن تذكر أو تسخّم (٧) بها الأوراق.
والّذي ورّط هؤلاء الأرجاس (٨) في هذه الرّذائل عدم الزّاجر وقلّة الغيرة في الدّين. فانظر عمّن تأخذ دينك وكيف تأخذه ، وقد نصحتك والسّلام.
وقد نجز التّنبيه على التّنزيه بمعونة الله تعالى.
ونسأل الله الذي فلق الحبّة وبرأ النّسمة أن يعفو عنّا فيما وقع فيه من الخطأ والخطل ، بمنّه ولطفه ، والختم بالصّلاة والتسليم على الأنبياء عموما وعلى نبيّنا خصوصا وعلى آله وآلهم وسلّم تسليما.
__________________
(١) ضرب الأفاعي الصّفر مثلا لشدّة السميّة.
(٢) العويلم تصغير العالم.
(٣) النّوافج : ما يتنفج به (يتكثّر) من الحجج الضعيفة والآراء المتهافتة ، والمخارق ..
(٤) الأغمار : جمع الغمر ، وهو الذي لم يجرّب الأمور.
(٥) أربوا عليهم : زادوا.
(٦) انظر الملل والنحل للشهرستاني ، على هامش الفصل في الملل والأهواء والنّحل لابن حزم ٢ / ٣٠.
(٧) تسخّم : تسوّد ، من السخام ، وهو الهباب الأسود المتشكل من الدّخان (غاز الفحم ..) وفي الأصل :تسخم به ، وأصلحت العبارة بما يناسب السياق ، والأوراق مؤنثة.
(٨) الأرجاس : القذرون ، والرّجس : القذر.