فأمّا التّنبيه على فضلها والترغيب فيها ، لما جمعت من أعداد الطاعات وتضعيف الأجور عليها ، وتحريض المكلّف على آدابها فاعلم ـ رحمك الله ـ أنّ جميع أعمال الطّاعات سوى الإيمان المصحّح لها على ضربين : ظاهر وباطن.
فالظاهر على ضربين : أصوات وأكوان.
والباطن على ضربين : علوم ونيّات.
والقدرة الحادثة تتعلّق بجميع هذه الكائنات ، ثم : جميعها تنقسم في الشّرع قسمين : فروض ومندوبات. وكلّها عبادات ومعاملات ، لكنّ المفروض منهما أرفع درجات وأمتّ للقربات ، كما جاء عن سيد السّادات صلىاللهعليهوسلم أفضل الصلوات حيث قال (١) : «إن الله تعالى يقول : ما تقرّب إليّ عبدي بمثل أداء المفترضات».
فصل
لكن إذا نظرت إلى هذه الصلاة المكتوبة وجدت أعداد فروضها وسننها يشفّ على سائر أعداد الأعمال المشروعة. فإذا عددت صلاة شهر وجدتها زادت على طاعات العمر فروضا وسننا. فأوّل الفروض ظاهرا من سواها كلمة الإخلاص (٢) ، وفرضها مرّة في العمر ، وما سوى ذلك فمندوب إليه ؛ وكذلك الحجّ : من استطاع إليه سبيلا.
وأما فرض الزكاة فمرّة في السّنة ، لمن وجبت عليه.
وأما فرض الصّوم فشهر في كلّ سنة.
وأمّا فرض الجهاد فإذا دهمك العدوّ ، أو أمرك إمام الوقت ، وهاتان الحالتان قد تقع ولا تقع.
__________________
(١) في مسند الإمام أحمد ٦ / ٢٥٦ ، من حديث عائشة أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «وقال الله عزّ وجلّ ...
وما تقرّب إليّ عبدي بمثل أداء الفرائض ...» الحديث.
(٢) يعني شهادة أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّدا رسول الله.