على الله تعالى حتى قضيت حوائجهم ، فأيّ منّة لنبيّ كمنّته علينا؟ فصار فضلهم تبعا لفضله ، وكرامتهم تبعا لكرامته ، فجزاه الله عنّا خير ما جزى نبيّا عن أمته.
ومع ما قدّمنا من الفوائد ـ وهي الرّابعة عشرة ثلاث فوائد عظيمة الموقع في مسائل الاعتقاد عقلا وشرعا ، وقد كثر فيها مكابرة أهل البدع ومثابرتهم :
الأولى : إثبات جواز الأمر من الله تعالى بما لا يريد وقوعه ، فإنّه تعالى أمر بالخمسين ولم يرد وقوعها من المكلّفين.
الثانية : وهي بطلان ادّعائهم استحالة الأمر من الآمر بما لا يريد وقوعه ، وفي هذه القصة إثبات ما أحالوه.
الثالثة : وهي جواز نسخ الحكم قبل وقوع العمل به ، فإنّهم يأبون ذلك ، فصحّ أنّه أمر بالخمسين ونسخ منها خمسة وأربعين. فإن قالوا إنّه وقع بعضه وهو اكتساب النبيّ عليهالسلام العلم بها والإرادة لفعلها ، وكلاهما عبادة ، فالجواب عنه : أنّ المأمور بها إنّما هي الصّلوات المنسوخة التي هي حركات وأصوات ونيّات وعزم يتجدّد عند افتتاحها ، وهذه هي الصّلاة المعلومة في الشرع ، ولا تسمّى النّية والعلم صلاة على الانفراد.
فهذا رحمك الله بعض ما تيسّر من التفقّه في بعض حديث الإسراء فإن منّ الله تعالى وساعدت الحياة فعسى نتدبّر سائر الحديث بما يفتح الله وهو حسبنا ونعم الوكيل.
فصل
وها أنا أنبّه بعد هذا على ما شرطناه في تقديم هذه الطّاعة العظمى على سائر المعاملات ، وتعداد أعمالها على التفصيل ، ظاهرا وباطنا ، فروضا وسننا وأجورا.