الحادي عشر : أنّه بشره أنّ من همّ بسيّئة ولم يعملها لم تكتب شيئا.
الثاني عشر : وهو ما اختص به من السّرعة في قطع المسافة في تلك اللّيلة ، وذلك أنّه أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، ثمّ صعد به إلى سدرة المنتهى ، ثم رجع إلى السّماء السادسة ، وعاد إلى سدرة المنتهى في مناجاة الكليم عليهالسلام تسع مرّات ، ثم إلى منزله الذي خرج منه أوّل اللّيل قبل الفجر ، وهذه المسافات كيف ما قدّرت أبعادها فهو أمر لا يحدّ وسرعة حركات لا تتخيّل ، لا سيّما مع شهادة الأدلّة العقليّة أن الجزء إنما يقطع بالحركات جزءا بعد جزء بحركة بعد حركة وأن الطّفرة محال.
وأمّا ما ظهر من فضل أمّته ، فمن أجله وبسببه وحسن وساطته ، فلا نحتاج أن [نرخي] عنان القول فيه ، فثبت بهذا أنّ سرعة الحركات وبطأها إنّما ترجع لكثرة اللّبث في الأحيان ، لا لنفس الحركات ، فإنّ الحركة إنما يقطع بها جزء بعد جزء بشهادة العقل.
الثالث عشر : وذلك أنه احتاط على أمّته وسأل عند المناجاة الرّفق بهم والتّخفيف عنهم ، واختار قضاء حوائجهم ولم يختر لنفسه ولا سأل لها ، وهذه غاية الفضل الذي لا يبارى فيه ، فإنّ الوافد على الملوك إنما يقدّم سؤال حاجته ، وهو ـ عليهالسلام ـ قدّم سؤال رعيّته ولم يسأل لنفسه ، وينظر لذلك ما جاء عنه عليهالسلام أنه قال (١) : «لكل نبيّ دعوة واختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة».
ويروى : «ادّخرت دعوتي شفاعتي لأمتي يوم القيامة».
فصحّ فضل أمّته بسببه ، فإنّه ذكرهم ، ونوّه بهم ، واختار لهم ، وألحّ في السؤال
__________________
(١) في صحيح مسلم ١ / ١٨٨ من حديث أبي هريرة أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لكلّ نبيّ دعوة يدعوها.
فأريد أن أختبئ دعوتي شفاعة لأمّتي يوم القيامة».