وفي جملة الأصول التي اجتمع عليها جمهرة المسلمين ، وكما لخّص البغدادي في (الفرق : ٣٤٣) : «أنهم قالوا بعصمة الأنبياء عن الذنوب ، وتأوّلوا ما روي عنهم من زلاّتهم على أنها كانت قبل النبوة».
وفي الفرق الإسلامية من أجاز على الأنبياء الصّغائر من الذنوب وهم أكثر المعتزلة ، على أنهم يقرّون أنها من الصغائر التي «لا يستقرّ لها استحقاق عذاب وإنما يكون حظه تنقيص الثواب». وروى الشريف المرتضى في (تنزيه الأنبياء) عن أبي علي الجبّائي المعتزلي قوله : إن [الذنب] الصغير يسقط عقابه بغير موازنة ، قال : فكأنهم معترفون بأنه لا يقع منهم ما يستحقّون به الذمّ والعقاب.
وقالت الشيعة الإمامية : لا يجوز على الأنبياء شيء من المعاصي والذنوب كبيرا كان أم صغيرا لا قبل النبوة ولا بعدها ، كما قرّر الشريف في التنزيه في مقدّمة كتابه ص ٣.
ونخرج من هذا ومثله ـ ممّا لا ضرورة إلى الاستفاضة فيه ـ إلى أنّ جمهرة المسلمين ، في كل عصر ، ينزّهون الأنبياء ، ولا يجيزون عليهم إلاّ ما يليق بهم.
وقد دار كتاب الشريف المرتضى ، كما دار كتاب مؤلفنا ابن خمير الأموي السبتي في هذا الإطار : أعني تنزيه الأنبياء عمّا لا يليق بهم ، واجتهد ابن خمير في التّوسّع في تقديم أخبار الأنبياء التي كانت مجالا لأولئك الجاهلين أو ذوي النيّات السيئة ، أو أولئك المؤرّخين الضّعاف والقصّاصين الذين يعتمدون على الإثارة والإغراب دون أن يتّقوا الله تعالى في الكلام على أنبيائه المكرّمين.